62 - استحباب مباسطة الضِّيفان على الطعام
قال محمد بن جعفر القطيعي: قال أحمد لأبي: تغدَّ اليوم عندي.
قال: فأجابه، قال: فقدم كشكية وقلية.
قال: فجعلت آكل وفيَّ انقباض لموضع أحمد، قال: فقال لي: كل ولا تحتشم (¬1).
قال: فجعلت آكل -قالها ثلاثًا أو مرتين- ثم قال: في الثالثة يا بني، كل ولا تحتشم؛ فإنّ الطعامَ أهونُ مما يحلَف عليه.
"طبقات الحنابلة" 2/ 280
قال جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَوْمَ عِيدٍ: خُذْ عَلَيْكَ رِداءَكَ وادْخُلْ. قال: فَدَخَلْتُ، فَإِذا مائِدَةٌ وَقَصْعَة على خِوالب عَلَيْها عِراقٌ، وَقَدْ زالَ
¬__________
(¬1) قال ابن مفلح: قال أبو جعفر النحاس فيما يحتاج إليه الكُتَّاب، في باب الاصطلاح المحدث الذي باستعماله خطأ، وقال: واستعملوا احتّشَمَ بمعنى استحى، ولا نعرف أحتشم بمعنى استحى ولا نعرف احتشم إلَّا بمعنى غضب، وقال الجوهريُ في "الصحاح" عن أبي زيد: حشمت الرجل وأحشمته بمعنى، وهو أن يجلس إليك فتوذيه وتغضبه. وقال ابن الأعرابي: حشمته أخجلته، وأحشمته أغضبته، والاسم الحِشمة وهو الاستحياء والغضب أيضًا. وقال الأصمعي: الحشمة إنما هي بمعنى الغضب لا بمعنى الاستحياء، واحتشمه واحتشم منه بمعنى، ورجل حشيم، أي: محتشم، وحَشَمُ الرجل خدمه ومن يغضب له، سموا بذلك؛ لأنهم يغضبون له، ذكر ذلك الجوهري. وقال ابن برِّي: قد جاء الحشمة بمعنى الحياء. قال أبو زيد: الإبةَ: الحياء، يقال: أوأبْتُهُ فاتَّأب أي: احتشم.
وقال ابن عباس: لكل داخل دهشة، ولكل طاعم حشمة، فابدءوه باليمين، وقال للمنقبض عن الطعام: ما الذي حشمك؟ انتهى كلامه.
وإنما ذكرت هذا لئلا ينسب بعض من يقف على استعمال الإمام أحمد -رضي اللَّه عنه- ذلك إلى ما لا ينبغي، واللَّه أعلم.
"الآداب الشرعية" 3/ 195 - 196.