كتاب طرائف في العربية - ضمن «آثار المعلمي»

تُفَّاح

مادة «ت ف ح» غير معروفة في غير هذا الاسم (¬١)، فأما حكاية بعضهم (¬٢): «تَفْحَةٌ» أي: رائحةٌ، فإن صحّ (¬٣) فمأخوذٌ من التفاح نفسه (¬٤).
وعلى هذا فقد يُدَّعى أن أصل «تُفَّاح»: «فُوَّاح» من مادة «ف وح»؛ لأن رائحته تفوح، وهي مادة معروفة في اللغة، فقُلب، فصار «وُفَّاح» (¬٥)، ثم أُبدلت التاء واوًا، وإبدال التاء المضمومة في أول الكلمة واوًا أكثر من المفتوحة (¬٦)، قالوا: «تُراث» وأصله «وُراث»، وقالوا: «تُجاه» وأصله «وُجاه» (¬٧).
---------------
(¬١) لذلك قال ابن فارس في المقاييس (١/ ٣٥٠): «التاء والفاء والحاء كلمة واحدة، وهي التفاح». اهـ.
وإذا قال ابن فارس: «كلمة واحدة»، فمعناه أنه لا أصل له يشتق منه، ولا يقاس عليه، ولهذا اقتصر على قوله: «وهي التفاح».
(¬٢) هو عبد الحميد أبو الخطاب الأخفش الكبير، كما صرح بهذا ابن سيده في المخصص (١١/ ١٣٨)، وأما في المحكم فإنه ذكر المعنى، ولم يصرح.
(¬٣) لأنه قد تفرد أبو الخطاب بهذا القول من بين الأئمة، فإني لم أجده لغيره، وأبو الخطاب مشهور بالتفرد. قال القفطي في الإنباه (٢/ ١٥٧): «وله ألفاظٌ لغوية انفرد بنقلها عن العرب». اهـ. وذكر السيوطي في المزهر (١/ ١٣١) أمثلة على تفرده.
(¬٤) هذا عكس ما قاله أبو الخطاب، فقد جاء في المحكم (٣/ ٢٠٥): «والتفاح: معروف، واحدته تفاحة، ذكر عن أبي الخطاب أنها مشتقة من التفحة ... ». اهـ. وانظر أيضًا: المخصص (١١/ ١٣٨).
(¬٥) أي: بتقديم العين على الفاء، فوزنه حينئذٍ «عُفّال».
(¬٦) يبدو لي ــ والله أعلم ــ أن صواب العبارة أن يقال: «ثم أبدلت الواو تاءً، وإبدال الواو المضمومة في أول الكلمة تاءً أكثر من المفتوحة ... ».
(¬٧) انظر: شرح الملوكي لابن يعيش (ص ٢٩٥).

الصفحة 145