كتاب طرائف في العربية - ضمن «آثار المعلمي»

الوجه الثالث: أن يتقدم النفي على الفعل فأما «قارب» فإنك إذا قلت: «ما قارب التلميذ أن ينجح» أفهم أنه لم ينجح.
وهذا واضح معقول، فإن نفي المقاربة يستلزم نفي الوقوع بلا ريب؛ إذ يمتنع الوقوع بدون مقاربةٍ.
لكنَّ الحال في «كاد» على خلاف هذا قال الله عز وجل: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: ٧١]، وقال سبحانه: {يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} [إبراهيم: ١٧]، وقال عز وجل: {لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} [النساء: ٧٨]، ومع قوله في آية أخرى: {لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [الفتح: ١٥].
ومن تدبر كلام العرب وجد كلامهم على نحو هذا ــ أعني أن نحو: «ما كاد التلميذ ينجح» مفهم لإثبات النجاح.
ومن أنصف وكان كثير الممارسة لكلامهم عرف أن هذا هو المتبادر، لكنه مُشكِلٌ كما ترى ما الذي جعل «ما كاد ينجحُ» مفهمًا للإثبات، مع أن «ما قارب أن ينجح» مفهمًا (¬١) إفهامًا يدعمه العقل للنفي المؤكد؟
---------------
(¬١) هكذا بالأصل، والوجهُ أنه بالرفع خبرًا لـ «أن»، وقد يخرّج على لغة مَن نصب الجزئين.

الصفحة 153