كتاب ضبط فعلين في متن الأزهار و (فائدتان) - ضمن «آثار المعلمي»

وإذا قلتَ: (أَدْخَل زيدًا الجُبْنُ، وأَخْرَجه الخوفُ) فإنّك إذا أردتَ حذفَ الفاعل كان قولك: (دَخَل وخَرَجَ) أولى من قولك: (أُدْخِلَ وأُخْرِجَ)، فإذا أردتَ بيانَ السبب فَقُل: (دَخَلَ جُبْنًا وخَرَج خوفًا)، ولا يأتي مثل هذا في الأول، وههنا كأنّا قلنا: أرقَّه الاختيار، أرقَّه الاضطرار، فإذا حذفتَ الاختيار والاضطرار كان قولُنا: (رقَّ) أولى من قولنا: (أُرِقَّ) كما مرَّ، وإذا أردْنا ذِكْرَ السَّببِ قُلْنا: (رقَّ لاختياره، رقَّ لاضطراره)، ولا يحسن أن نقولَ: (أُرِقَّ لاختياره، أُرِقَّ لاضطراره) إلَاّ بتعسُّفٍ؛ لأنَّ المعنى حينئذٍ بحسب الظاهر أَرقَّه اختياره لاختياره ... إلخ.
أمَّا في نحو: (أَرقَّ الإمامُ الأسيرَ، وأعتقه سيِّدُه) فإنّه يقال: (أُرِقَّ، وأعْتِقَ).
وأوْرَدَ على قولي: (لأنَّ المُكَاتِب هو الذي يصير ذا عتقٍ بالوفاء) أنَّ مفهومه أنَّه بالإعتاق لا يقال: عَتَق يَعْتِقُ.
فأجبتُ بأنَّ هذا المفهومَ غيرُ مسلَّم، وعلى فرض تسليمه فقد صرّحتُ عَقِبَه بخلافه، والعبرة بالمنطوق عند التعارض فأجابَ ــ على قولي: غير مسلّم ــ بطلب الإنصاف.
فأقول: عبارتي في مقابل قوله في المكاتب: أُعتق (والبحث في المكاتب).
فقلتُ: المكاتبُ هو الذي يصير ذا عتقٍ أي: هو بنفسه لا بإعتاقٍ من سيِّده، وقد قالوا في الأصول: إنَّ شرطَ المفهوم أنْ لا يكون اللفظُ المفهومُ مِنْه خرجَ مخرجَ الغالب أو لموافقة الواقع، أو في جواب سؤالٍ ... إلخ

الصفحة 191