كتاب مناظرة أدبية بين المعلمي والشاعر الأديب علي بن محمد السنوسي - ضمن «آثار المعلمي»

أو ممَّا ظهر منّي أيْ: أيُّ شيءٍ مما نشأ لك من الرأي، أو ممَّا ظهر منِّي صَرفَك عن طاعتي. وهي على كل تقدير بمعزل عن الاستدلال بها.
وأمَّا قولي: "راجعوا الإمام" فإنِّي لمَّا أردتُ أنْ أمحضَك النصيحة، وأردَّك إلى الاستعمالات الصحيحة تقاعسْتَ عن ذلك وطفقت تخبط خَبْط عشواء، وتعربد عربدة النشوى، وقد قيل في المثل: "آخر الداء الكيُّ" (¬١).
وأمَّا التعصُّب بالدين فقال في القاموس: "وتعصَّب شدَّ العصابةَ، وأتى بالعصبية، وتقنَّع بالشيء ورضي به" (¬٢)، فأيُّ ملامةٍ عليَّ بأنْ أكونَ متعصبًا بالدين أي: معتمًّا وكوني متعصِّبًا به أي: متعزِّزًا، وكوني متعصِّبًا به أي: مُتقنِّعًا راضيًا به: (وتلك شَكاةٌ ظاهرٌ عنك عارها) (¬٣) وإنَّما اللومُ على مَنْ يتعصَّب على الدين، أو يتعصَّب فيه مع أنَّ الأولى في قضيتنا أن يُعبَّر بالحقِّ بدل الدين.
وأمَّا قولك: "وعدم الرجوع إلى الحقِّ ... إلخ" فأينَ الحقُّ الذي أرجع إليه؟
---------------
(¬١) هكذا في المطبوعة، وفي الأصل (الدا) بالقصر، وكنت صوَّبتها إلى (الدواء) ثم رأيت في الصحاح (٦/ ٢٤٧٧) قول الجوهري: ويقال: آخر الدواء الكيُّ، ولا تقل: آخر الداء الكيُّ. اهـ. فدلَّ على أن قولهم: آخر الداء مستعمل لكنه ضعيف وصوابه ما ذكره الجوهري بدليل أنه روي بلفظ: آخر الطب الكيُّ.
وانظر لسان العرب (١٥/ ٢٣٥)، والتاج (١٠/ ٣١٩).
(¬٢) راجع القاموس مادة (عصب).
(¬٣) هذا عجز بيت لأبي ذؤيب الهذلي من قصيدة يرثي بها نشيبة بن محرِّث وصدره: (وعيَّرها الواشون أني أحبها).
انظر شرح ديوان الهذليين للسكري (١/ ٦٩).

الصفحة 307