كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 20)
فطلبوا منه الأمان، فأمَّنهم، وخرج الوالي والعسكر وأهلُ البلد إلى دمشق، ولم يتعرَّض (¬1) لأحدٍ منهم، وعاد إلى القُدْس. وقيل: إنما فُتحت صَيدا سنةَ أربعٍ وخمس مئة (¬2).
وفيها تُوفِّي
أَحْمد بن عليّ بن أَحْمد (¬3)
أبو بكر، العُلْبي (¬4)، البغدادي، الزَّاهد، قرأ القرآن، وتفقَّه على [القاضي] (5) أبي يعلى بن الفَرَّاء، وكان يُقرئُ النَّاس [القرآن] (¬5)، ويؤمُّ بهم، ولا يقبل من أحدٍ شيئًا (¬6)، ويعملُ بيده، ويأكل ويذهب كلَّ ليلةٍ إلى دِجْلة، فيأخدْ ماءً في كُوزٍ، فيُفطِرُ عليه، ويمشي في قضاء حوائج النّاسِ، ويؤثِرُ بما في يده.
وكان إذا حَجَّ خَرَجَ، فزار المَعْلى، ووقف عند قَبرِ الفُضَيل بن عِياض، وَيخُطُّ بعصاه، ويقول: يَا ربّ ها هنا، يَا رب ها هنا، فَحَجَّ في هذه السَّنة، فَشَهِدَ عَرَفة، وسَقَطَ من الجَمَلِ آخر النَّهار، فَحُمِلَ وَطِيفَ به بالبيت، ودُفِنَ يوم النَّحر إلى جانب الفُضَيل [بن عياض.
سمع القاضي أَبا يعلى وغيره] (5)، وكان صالحًا ثقَةً.
¬__________
(¬1) في (ع) يعترض، والمثبت من (ب).
(¬2) انظر "ذيل تاريخ دمشق" 270 - 274، وقد ذكر ابن الأثير في "كامله" 1/ 479 استيلاء الفرنج على صيدًا في حوادث سنة (504 هـ).
(¬3) له ترجمة في "طبقات الحنابلة": 2/ 255 - 257، و"المنتظم": 9/ 163 - 164، و"مناقب الإِمام أَحْمد" ص 633 - 634 - وفيه وفاته سنة (505 هـ) - و"صفة الصفوة": 2/ 495 - 496، "تكملة الإكمال" لابن نقطة: 4/ 338، و"ذيل طبقات الحنابلة": 1/ 104 - 106، و"العقد الثمين": 3/ 100، و"توضيح المشتبه": 6/ 317 - 318، و"المقصد الأرشد": 1/ 143 - 144، و"شذرات الذهب": 4/ 6 - 7.
(¬4) في (ع) و (ب) الحلبي، وهو تحريف، وتصحف في بعض المصادر إلى "العلثي" -بالثاء المثلثة- والمثبت من (م) و (ش)، وهي نسبة إلى عُلْبة. ومن ضبطها بفتح اللام فقد نسبه إلى عُلَب جمع عُلْبة. انظر "تكملة الإكمال" لابن نقطة: 4/ 338، و"توضيح المشتبه": 7/ 316.
(¬5) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(¬6) في (ع): ولا يقبل لأحد، والمثبت من (ب) و (م) و (ش).