كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 20)
[وذكَرَ ابنُ عساكر أنَّه أنشد أبياتًا لغيره (¬1): [من البسيط]
إنِّي لِمَا أنا فيه من مُنَافَستي ... فيما شُغِفتُ به من هذه الكُتُبِ
لقد عَلِمتُ بأنَّ الموتَ يُدْرِكُنْي ... مِنْ قَبْلِ أنْ يَنقَضِي مِنْ جَمْعِها أَرَبي
وليس يَنْفَعُني مِمَّا حَوتْه يدي ... شيءٌ من الفِضَّة البيضاء والذَّهَب
ولا أُوَمِّلُ زادًا للمَعَاد سوى ... عِلْم عَملْتُ به أو رَأفتي بأَبي
وذكره أبو الفضل محمَّد بن طاهر المقدسيّ، وأثنى عليه، وقال: طاف الدنيا شرقًا وغربًا، وكان على سيرة السلف، وذكر أنَّه خرج من نَيسَابُور إلى طُوس، وأن الغَزالي قرأ عليه "الصحيحين"، ثم شرحهما، فخرج إلى مرو، فتوفي بسَرْخَس في ربيع الأول].
وجيه بن عبد الله بن نَصر (¬2)
أبو المِقْدام، التَّنوخي، شاعر فصيح، [ذكره الحافظ ابن عساكر، وقال: ] (¬3) لمَّا فَعَلَتِ الفرنجُ بالمَعَرَّة ما فَعَلَتْ دَخلَها يبكي، وقال: [من الخفيف]
هذه بَلْدَةٌ قَضَى الله يَا صا ... حِ عليها كما تَرَى بالخَرَابِ
فَقِفِ العِيسَ وقفَةً وابْكِ مَنْ كا ... نَ بها مِنْ شُيُوخها والشَّباب
واعْتَبِر إن دَخَلْتَ يومًا إليها ... فَهْيَ كانتْ مَنازِلَ الأحبَابِ (¬4)
وقال أَيضًا: [من الوافر]
أُراني والبقاءُ لهُ نَفَادُ ... على سَفَرٍ وليس لديَّ زَادُ
وقد بان الشَّباب الغَضُّ منِّي ... وجاءَ الشَّيبُ ليس له ارتِدادُ
¬__________
(¬1) في (ع) و (ب): وتوفي في ربيع الأول، وكان على سيرة السلف، وأنشد لغيره يقول. قلت: والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش)، وهو سياق أتم.
(¬2) له ترجمة في "تاريخ ابن عساكر" (خ) (س): 17/ 733، و"مختصره لابن منظور": 26/ 258 - 259، و"النجوم الزاهرة": 5/ 200.
(¬3) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(¬4) الأبيات في "تاريخ ابن عساكر", ولمحمود بن عليّ المعري الآتية ترجمته في وفيات سنة (505 هـ) قصيدة لها مطلع يشابه مطلع هذه القصيدة، فهل تمثَّل وجيه في تلك القصيدة، أم أنَّه أنشأ قصيدة جديدة اتكأ في مطلعها على قصيدة محمود؟ الذي ذهب إليه ابن تغري بردي في "النجوم الزاهرة": 5/ 200، 203 أن القصيدة لمحمود، والذي أراه أنهما قصيدتان تشابه مطلعهما، والله أعلم.