كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 20)

كرِه الشَّامُ أَهْلَهُ فنفاهمُ ... فحقيقٌ أَن لا يقيمَ لبيبُ
إنْ تجلَّت عنه الحروبُ قليلًا ... خلَّفتها زلازِلٌ وخُطُوبُ
رَقَصَتْ أَرضُهُ عَشِيَّةَ غنَّى الر ... عدُ في الجوِّ والكريمُ طَروبُ
وتَثَنَّتْ حِيطانُها فأمالتْـ ... ــــــــــها شَمالٌ بزمرِها وجَنُوبُ
لا هُبُوب لنائمٍ قد أنامَتـ ... ـــــــــــهُ والعاصفاتُ فيها هُبوبُ
وأرى البَرقَ شامتًا ضاحِكَ السِّـ ... ــــــــــــنِّ والجوُّ بالغمام قَطُوبُ
ذكروا آيةً تذوبُ بها السُّحْـ ... ــــــــــــب فما للصُّخور منها تَذْوب (¬1)
قال المهذَّب بن الزُّبير (¬2) يخاطب الصّالح بن رُزِّيك في الزَّلزلة: [من الكامل]
ما زُلْزِلَتْ أرضُ العِدى بل ذاكَ ما ... بقلُوبِ أَهليها من الخَفَقانِ
وأظنُّ أَنَّ حصونَهُمْ سَجَدَتَ لما ... أُوتيتَ من مُلكٍ ومن سُلْطانِ
والنَّاسُ أَحْرى بالسُّجودِ إذا غدا ... لعلاك يَسجُدُ شامخُ الجُدرانِ (¬3)
وكان الصَّالح بن رُزِّيك قد خرج من مِصر بعساكرها إلى السَّاحل، وساعده نورُ الدِّين، فالتقوا على غزَّة، فكانت الدَّبرة (¬4) على الفرنج، فلم يُفلت منهم أحد، فقال الجليس يخاطب الصَّالح بن رُزيك: [من البسيط]
رُعْتَ الفرنجَ بكسرٍ لا انجبارَ له ... ذلَّتْ له بعدما عَزَّت جبابِرُها
حاشَت جنودُك بَرَّ المشركين فما ... ينفكُّ من بعد مَرْماها يُغادِرُها
وقال شاعر دمشقي في الزلزلة (¬5): [من الخفيف]
روَّعَتْنا زلازلٌ حادثاتٌ ... بقضاءٍ قَضَاه رَبُّ السَّماءِ
¬__________
(¬1) القصيدة في "ديوان أسامة بن منقذ": 7، 153، 164، 296 مع اختلاف في بعض ألفاظها، وقد ساقها كذلك أبو شامة في "كتاب الروضتين": 1/ 338 - 339.
(¬2) هو أبو محمد الحسن بن علي بن الزبير المتوفى سنة (561 هـ)، انظر ترجمته في "الخريدة" قسم شعراء مصر 1/ 204 - 225، وفيه تتمة مصادر ترجمته.
(¬3) انظر الأبيات في "الخريدة" قسم شعراء مصر: 1/ 210، وقد ساق منها مقاطع طويلة، وانظر "الروضتين": 1/ 26 - 27.
(¬4) الدبرة: الهريمة في القتال. "معجم متن اللغة": 2/ 372.
(¬5) في (ع): وقال أيضًا، والمثبت من (ح).

الصفحة 472