كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 20)

٦٩٩١٤ - عن عبد الله بن مسعود -من طريق مسروق- أن رجلًا جاءه، فقال: إني تركتُ رجلًا في المسجد يقول في هذه الآية: {فارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ يَغْشى النّاسَ هَذا عَذابٌ ألِيمٌ}: يغشى الناسَ يوم القيامة دُخان، فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم، ويأخذ المؤمن منه كهيئة الزّكام. فغضب، وكان مُتَّكئًا فجلس، ثم قال: مَن علِم منكم علمًا فليقُل به، ومَن لم يكن يعلم فليقُل: الله أعلم. فإنّ مِن العلم أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم. وسأحدّثكم عن الدُّخان: إنّ قريشًا لما استصعبت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبطؤوا عن الإسلام قال: «اللهم، أعِنِّي عليهم بسبْعٍ كسبْع يوسف». فأصابهم قَحْط وجَهد، حتى أكلوا العظام، فجعل الرجلُ ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدُّخان من الجوع؛ فأنزل الله: {فارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ يَغْشى النّاسَ هَذا عَذابٌ ألِيمٌ}. فأُتِي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فقيل: يا رسول الله، استَسقِ الله لِمُضَر. فاستسقى لهم، فسُقوا؛ فأنزل الله: {إنّا كاشِفُو العَذابِ قَلِيلًا إنَّكُمْ عائِدُونَ} [الدخان: ١٥] أفيُكشف عنهم العذاب يوم القيامة؟ فلما أصابتهم الرّفاهية عادوا إلى حالهم؛ فأنزل الله: {يَوْمَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرى إنّا مُنْتَقِمُونَ} [الدخان: ١٦]، فانتقم الله منهم يوم بدر؛ فقد مضى البطْشة، والدُّخان، واللزام (¬١). (١٣/ ٢٦٣)

٦٩٩١٥ - عن عاصم، قال: شهدتُ جنازة فيها زيد بن علي، فأنشأ يحدّث يومئذ، فقال: إنّ الدُّخان يجيء قبل يوم القيامة، فيأخذ بأنفِ المؤمن الزّكام، ويأخذ بمسامع الكافر. قال: قلتُ: رحمك الله، إنّ صاحبنا عبد الله قد قال غيرَ هذا، قال: إنّ الدُّخان قد مضى. وقرأ هذه الآية: {فارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ يَغْشى النّاسَ هَذا عَذابٌ ألِيمٌ}. قال: أصاب الناس جَهد حتى جعل الرجل يرى ما بينه وبين السماء دُخانًا، فذلك قوله: {فارْتَقِبْ}، وكذا قرأ عبد الله إلى قوله: {إنّا
---------------
(¬١) أخرجه البخاري ٢/ ٣٠ (١٠٢٠)، ٦/ ٧٧ (٤٦٩٣)، ٦/ ١١٤ (٤٧٧٤)، ٦/ ١٢٤ (٤٨٠٩)، ٦/ ١٣١ - ١٣٢ (٤٨٢١ - ٤٨٢٤)، ومسلم ٤/ ٢١٥٥ (٢٧٩٨)، وأحمد ٦/ ١٠٦، ١٠٧، ٧/ ١٧٩، ١٨٠، ٢٥٧، ٢٥٨ (٣٦١٣، ٤١٠٤، ٤٢٠٦)، والترمذي (٣٢٥٤)، والنسائي في الكبرى (١١٢٠٢، ١١٤٨١، ١١٤٨٣)، ويحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٤/ ٢٠٠ - ٢٠٢ - ، وابن جرير ٢١/ ١٥، والطبراني (٩٠٤٦ - ٩٠٤٨)، وأبو نعيم (٣٦٩)، والبيهقي ٢/ ٣٢٤ - ٣٢٥.

الصفحة 15