ظنّ أنهما رجعا يختصمان في الدّم، فقال: «ما لكما؟ ألم أقضِ بينكما؟». قالا: يا رسول الله، إنّا جئنا نصلّي معك، ونقتدي بك. فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة، وقام ابن مسعود والرجلان مِن الجنّ وراء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فصلّوا معه، فذلك قوله: {وأَنَّهُ لَمّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} [الجن: ١٩] مِن حُبّهم إيّاه، ثم انصرفوا مِن عنده مؤمنين، فلم يبعث الله - عز وجل - نبيًّا إلى الإنس والجنّ قبل محمد - صلى الله عليه وسلم -. فقالوا: يا رسول الله، مُرْ لنا برِزْق حتى نتزوّد في سفرنا؟ فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فإنّ لكم أن يعود العظْم لحمًا، والبعْر حَبًّا، هذا لكم إلى يوم القيامة». فلا يحلّ للمسلم أن يستنجي بالعظْم ولا بالبعْر ولا بالرجيع، يعني: رجيع الدوابّ، ولم يبعث الله نبيًّا إلى الجنّ والإنس قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - (¬١). (ز)
نزول الآية:
٧٠٦٧٢ - قال مقاتل بن سليمان: {أوَلَمْ يَرَوْا} نزلت في أُبَيّ بن خَلف الجُمحي، عمد فأخذ عظْمًا حائلًا نخِرًا، فأتى به النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا محمد، أتعِدنا إذا بَلِيَتْ
---------------
(¬١) تفسير مقاتل بن سليمان ٤/ ٢٨ - ٣٠.
(¬٢) لعله عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي (ت: ٧٨) التابعي الكبير -واختلف في صحبته ينظر: الإصابة ٤/ ١٧٥ - ، أو أبوبكر بن عياش المشهور بشعبة (ت: ١٩٣).
(¬٣) أخرجه إسحاق البستي ص ٣٥٣.
و {بِقادِرٍ} قراءة العشرة، وأما (يَقْدِرُ) فهي قراءة شاذة، تروى أيضًا عن ابن مسعود، والأعرج. انظر: الجامع لأحكام القرآن ١٩/ ٢٣٢، والبحر المحيط ٨/ ٦٨.