أنهم نزلوا في غزاة بني المُصطلق على بئر يقال لها: المُريسيع، فأرسل عبدَ الله غلامه ليستقي الماء، فأبطأ عليه، فلمّا أتاه قال له: ما حبَسَك؟ قال: غلام عمر قعد على قُفِّ (¬١) البئر، فما ترك أحدًا يستقي حتى ملأ قِرَب النبي، وقِرَب أبي بكر، وملأ لمولاه. فقال عبد الله: ما مثلُنا ومثلُ هؤلاء إلا كما قيل: سمِّن كلبك يأكلك. فبلغ قولُه عمرَ، فاشتمل بسيفه يريد التوجه إليه؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية (¬٢). (ز)
٧٠٢٣٤ - عن عبد الله بن عباس -من طريق ميمون بن مهران- قال: لما نزلت هذه الآية: {مَن ذا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: ٢٤٥، الحديد: ١١] قال يهوديٌّ بالمدينة -يُقال له: فنحاص-: احتاج ربُّ محمد. قال: فلما سمع عمرُ بذلك اشتَمل على سيفه، وخرج في طلبه، فجاء جبريل - عليه السلام - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إنّ ربّك يقول لك: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أيّامَ اللَّهِ}، واعْلم أنّ عمر قد اشتمل على سيفه وخرج في طلب اليهودي. فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طَلَبه، فلما جاء قال: «يا عمر، ضع سيفَك». قال: صدقتَ، يا رسول الله، أشهد أنك أُرسلت بالحق. قال: «فإنّ ربّك يقول: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أيّامَ اللَّهِ}». قال: لا جرم، والذي بعثك بالحق، لا يُرى الغضب في وجهي (¬٣) [٥٩٤٠]. (ز)
٧٠٢٣٥ - عن عبد الله بن عباس -من طريق الضَّحّاك- {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا}: نزلت في عمر بن الخطاب، شتَمه رجل من المشركين بمكة قبل الهجرة، فأراد أن يبطش به؛ فأنزل الله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا} (¬٤). (ز)
٧٠٢٣٦ - عن مقاتل بن سليمان، نحوه (¬٥). (ز)
---------------
[٥٩٤٠] ساق ابنُ عطية (٨/ ٥٩٤ بتصرف) هذا القول، ثم علَّق بقوله: «فهذا احتجاج بالآية مع قِدَم نزولها».
_________
(¬١) قُفُّ: الدَّكة التي تُجعل حول البئر. النهاية (قفف).
(¬٢) أورده الواحدي في أسباب النزول ص ٣٧٨.
(¬٣) أخرجه الواحدي في أسباب النزول ص ٣٧٨ - ٣٧٩، والثعلبي ٨/ ٣٥٩ - ٣٦٠، من طريق الحسن بن محمد بن عبد الله، عن موسى بن محمد بن علي، عن الحسن بن علويه، عن إسماعيل بن عيسى العطار، عن محمد بن زيادة اليشكري، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس به.
وفي سنده محمد بن زيادة اليشكري، ولم نجد له ترجمة.
(¬٤) أخرجه النحاس في الناسخ والمنسوخ ص ٦٦٢، من طريق جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس به.
إسناده ضعيف جدًّا. وينظر: مقدمة الموسوعة.
(¬٥) تفسير مقاتل بن سليمان ٣/ ٨٣٧.