كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 20)

يدعيه غيره، وهذا خطأ لانه حكم بمجرد الدعوى، وان أقر بها لغائب ولا بينة وقف الامر إلى أن يقدم الغائب لان الذى في يده لا يدعيها ولا بينة تقضى بها فوجب التوقف، فإن طلب المدعى يمين المدعى عليه أنه لا يعلم أنها له فعلى ما ذكرناه من القولين.
وان كان للمدعى بينة قضى له، وهل يحتاج إلى أن يحلف مع البينة فيه وجهان:

(أحدهما)
أنه يحتاج أن يحلف مع البينة لانا حكمنا بإقرار المدعى عليه أنها ملك للغائب، ولا يجوز القضاء بالبينة على الغائب من غير يمين.

(والثانى)
وهو قول أبى اسحاق انه لا يحتاج أن يحلف لانه قضاء على الحاضر وهو المدعى عليه، وان كان مع المدعى عليه بينة أنها للغائب فالمنصوص أنه يحكم ببينة المدعى وتسلم إليه، ولا يحكم ببينة المدعى عليه وان كان معها يد لان بينة صاحب اليد انما يقضى بها إذا أقامها صاحب الملك أو وكيل له والمدعى عليه ليس بمالك ولا هو وكيل للمالك فلم يحكم ببينته.
وحكى أبو إسحاق رحمه الله عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ قَالَ: إنْ كَانَ المقر للغائب يدعى أن الدار في يده وديعة أو عارية لم تسمع بينته، وان كان يدعى أنها في يده بإجارة سمعت بينته وقضى بها، لانه يدعى لنفسه حقا فسمعت بينته فيصح الملك للغائب ويستوفى بها حقه من المنفعة، وهذا خطأ لانه إذا لم تسمع البينة في اثبات الملك وهو الاصل، فلان لا تسمع لاثبات الاجارة وهى فرع على الملك أولى، وان أقر بها لمجهول فقد قال أبو العباس فيه وجهان.

(أحدهما)
أنه يقال له اقرارك لمجهول لا يصح، فإما أن تقر بها لمعروف أو تدعيها لنفسك أو نجعلك ناكلا ويحلف المدعى ويقضى له
(والثانى)
أن يقال له اما أن تقر بها لمعروف أو نجعلك ناكلا ولا يقبل دعواه لنفسه لانه بإقراره لغيره نفى أن يكون الملك له فلم تقبل دعواه بعد
(فصل)
إذا ادعى جارية وشهدت البينة أنها ابنة أمته لم يحكم له بها لانها قد تكون ابنة أمته ولا تكون له بأن تلدها في ملك غيره ثم يملك الامة دونها فتكون ابنة أمته ولا تكون له.
وان شهدت البينة أنها ابنة أمته ولدتها في ملكه فقد قال الشافعي رحمه الله

الصفحة 192