كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 20)

ان تقابلت طائفتان فوجد قتيل من احدى الطائفتين فهو لوث على الطائفة الاخرى، فإن ادعى الولى أنهم قتلوه حلف وقضى له بالدية، لان الظاهر أنه لم تقتله طائفة، وان شهد جماعة من النساء أو العبيد على رجل بالقتل نظرت، فان جاءوا دفعة واحدة وسمع بعضهم كلام البعض لم يكن ذلك لوثا، لانه يجوز أن يكونوا قد تواطأوا على الشهادة، وان جاؤا متفرقين واتفقت أقوالهم ثبت
اللوث ويحلف الولى معهم، وان شهد صبيان أو فساق أو كفار على رجل بالقتل وجاءوا دفعة واحدة وشهدوا لم يكن ذلك لوثا، لانه يجوز أن يكونوا قد تواطأوا على الشهادة، فإن جاءوا متفرقين وتوافقت أقوالهم ففيه وجهان.

(أحدهما)
أنه ذلك لوث: لانه اتفاقهم على شئ واحد من غير تواطؤ يدل على صدقهم.

(والثانى)
أنه ليس بلوث لانه لا حكم لخبرهم فلو أثبتنا بقولهم لوثا لجعلنا خبرهم حكما، وان قال المجروح قتلني فلان ثم مات لم يكن قوله لوثا، لانه دعوى ولا يعلم به صدقه فلا يجعل لوثا، فان شهد عدل على رجل بالقتل، فان كانت الدعوى في قتل يوجب المال حلف المدعى يمينا وقضى له بالدية، لان المال يثبت بالشاهد واليمين، وان كانت في قتل يوجب القصاص حلف خمسين يمينا ويجب القصاص في قوله القديم والدية في قوله الجديد.

(فصل)
وان شهد واحد أنه قتله فلان بالسيف وشهد آخر أنه قتله بالعصا لم يثبت القتل بشهادتهما، لانه لم تتفق شهادتهما على قتل واحد، وهل يكون ذلك لوثا يوجب القسامة في جانب المدعى، قال في موضع: يوجب القسامة، وقال في موضع: لا يوجب القسامة.
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ هو لوث يوجب القسامة قولا واحدا لانهما اتفقاء على اثبات القتل وانما اختلفا في صفته وجعل القول الآخر غلطا من الناقل.
وقال أبو الطيب بن سلمة وابن الوكيل ان ذلك ليس بلوث ولا يوجب القسامة قولا واحدا، لان كل واحد منهما يكذب الآخر فلا يغلب على الظن

الصفحة 212