كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 20)

الجنايات فإن كان الذى يحلف هو العبد غلظ قلت قيمته أو كثرت لانه يحلف لاثبات العتق، والعتق ليس بمال ولا المقصود منه المال فلم تعتبر قيمته كدعوى القصاص، ولا فرق بين أن يكون في طرف قليل الارش، أو في طرف كثير الارش.

(فصل)
والتغليظ قد يكون بالزمان وبالمكان وفى اللفظ، فأما التغليظ بالمكان ففيه قولان
(أحدهما)
أنه يستحب
(والثانى)
أنه واجب، وأما التغليظ بالزمان فقد ذكر الشيخ أبو حامد الاسفراينى رحمه الله أنه يستحب، وقد بينا ذلك في اللعان.
وقال أكثر أصحابنا: إن التغليظ بالزمان كالتغليظ بالمكان.
وفيه قولان.
وأما التغليظ باللفظ فهو مستحب، وهو أن يقول والله الذى لا إله هو
عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، الذى يعلم من السر ما يعلم من العلانية، لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احلف رجلا فقال قل والله الذى لا إله إلا هو، ولان القصد باليمين الزجر عن الكذب، وهذه الالفاظ أبلغ في الزجر وأمنه من الاقدام على الكذب.
وان اقتصر على قوله (والله) أجزأه، لان النبي صلى الله عليه وسلم اقتصر في احلاف ركانة على قوله والله.
وان اقتصر على صفة من صفات الذات كقوله وعزة الله أجزأه لانها بمنزلة قوله والله في الحنث في اليمين وايجاب الكفارة.
وأن حلف بالمصحف وما فيه من القرآن فقد حكى الشافعي رحمه الله عن مطرف أن ابن الزبير كان يحلف على المصحف.
قال ورأيت مطرفا بصنعاء يحلف على المصحف، قال الشافعي وهو حسن، ولان القرآن من صفات الذات، ولهذا يجب بالحنث فيه الكفارة.
وان كان الحالف يهوديا أحلفه بالله الذى أنزل التوراة على موسى ونجاه من الغرق، وان كان نصرانيا أحلفه بالله الذى أنزل الانجيل على عيسى، وان كان مجوسيا أو وثنيا أحلفه بالله الذى خلقه وصوره
(فصل)
ولا يصح اليمين في الدعوى الا أن يستحلفه القاضى لان ركمانة ابن عبد يزيد قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يا رسول الله انى طلقت امرأتي سهيبة ألبتة والله ما أردت الا واحدة، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

الصفحة 217