كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 20)

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وهو من زهاد الصحابة وفقائها أنه قال إنى لاجم قلبى شيئا من الباطل لاستعين به على الحق، قأما إذا أكثر من الغناء أو اتخذه صنعة يغشاه الناس للسماع أو يدعى إلى المواضع ليغنى ردت شهادته لانه سفه وترك للمروءة، وإن اتخذ جارية ليجمع الناس لسماعها ردت شهادته لانه سفه وترك مروءة ودناءة.

(فصل)
ويحرم استعمال الآلات التى تطرب من غير غناء كالعود والطنبور والمعزفة والطبل والمزمار، والدليل عليه قوله تعالى (ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله) قال ابن عباس انها الملاهي.
وروى عبد الله ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إن الله حرم على أمتى الخمر والميسر والمزمار والكوبة والقنين) فا لكوبة الطبل القنين البرط.
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال (تمسخ أمة من أمتى بشربهم الخمر وضربهم بالكوبة والمعازف) ولانها تطرب وتدعو إلى الصد عن ذكر الله تعالى
وعن الصلاة والى اتلاف المال فحرم كالخمر، ويجوز ضرب الدف في العرس والختان دون غيرهما لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال (أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدف) ويكره الفضيب الذى يزيد الغناء طربا ولا يطرب إذا انفرده لانه تابع الغناء، فكان حكمه حكم الغناء، وأما رد الشهادة فما حكمنا بتحريمه من ذلك فهو من الصغائر، فلا ترد الشهادة بما قل منه وترد بما كثر منه كما قلنا في الصغائر، وما حكمنا بكراهيته واباحته فهو كالشطرنج في رد الشهادة وقد بيناه.

(فصل)
وأما الحداء فهو مباح لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة نام بالوادي حاديان.
وروت عائشة رضى الله عنها قالت: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر، وكان عبد الله بن رواحة جيد الحداء وكان مع الرجال، وكان أنجشة مع النساء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن رواحه (حرك بالقوم) فاندفع يرتجز فتبعه أنجشة فأعتقت الابل في السير، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أنجشة رويدك رفقا بالقوارير.

الصفحة 230