كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 20)

قوله (ان يسترعيه) الاسترعاء في الشهادات مأخوذ من قولهم أرعيته سمعي أي أصغيت إليه، ومنه قوله راعنا.
قال الاخفش معناه أرعنا سمعك ولا تقبل الشهادة على الشهاة إلا في حق يقبل فيه كتاب القاضى إلى القاضى وهو حقوق الآدميين دون حقوق الله تعالى، لان الحدود مبنية على الستر
والدرء بالشبهات ولا يحكم بها، أي بالشهادة على الشهادة، إلا أن تتعذر شهادة الاصل بموت أو مرض أو غيبة مسافة قصر أو خوف من سلطان أو غيره، لانه إذا أمكن الحاكم أن يسمع شهادة شاهدى الاصل استغنى عن البحث عن عدالة شاهدى الفرع وكان أحوط الشهادة ولا بد من ثبوت عدالة الجميع، ولا يجوز لشاهد الفرع أن يشهد إلا بما يسترعيه شاهد الاصل، فيقول اشهد على شهادتى بكذا، أو بسمعه يقر أو يعزوها إلى سبب من قرض أو بيع أو نحوه فيجوز الفرع أن يشهد، لان هذا كالاسترعاء، ويؤديها الفرع بصفة تحمله وتثبت شهادة شاهدى الاصل بفرعين، ولو على كل أصل فرع، ويثبت الحق بفرع مع أصل آخر.
ويقبل تعديل فرع لاصله وبموته ونحوه لا تعديل شاهد لرفيقه.
وإذا رجع شهود المال بعد الحكم لم ينقض الحكم لانه قد تم ووجب المشهود به المشهود له، ولو كان قبل الاستيفاء ويلزمهم الضمان أي يلزم الشهود الراجعين بدل المال الذى شهدوا به قائما كان أو تالفا، لانهم أخرجوه من يد مالكه بغير حق وحالوا بينه وبينه دون من زكاهم، فلا غرم على مزك إذا رجع المزكى، لان الحكم تعلق بشهادة الشهود، ولا تعلق له بالمزكيين لانهم أخبروا بظاهر حال الشهود، وأما باطنه فعلمه إلى الله تعالى وإن حكم القاضى بشاهد ويمين ثم رجع الشاهد غرم الشاهد المال كله لان الشاهد حجة الدعوى، ولان اليمين قول الخصم.
وقول الخصم ليس مقبولا على خصمه، وانما هو شرط الحكم فهو كطلب الحكم، وان رجعوا قبل الحكم لغت ولا حكم ولا ضمان، وان رجع شهود قود أو حد بعد حكم وقبل استيفاء لم يستوف ووجبت دية وقود

الصفحة 271