كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 20)

(انْظُر الحَدِيث 1132 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَعُثْمَان بن الْهَيْثَم، بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة، فَالْبُخَارِي تَارَة يروي عَنهُ بالواسطة وَأُخْرَى بِدُونِهَا وَكَأَنَّهُ أَخذ عَنهُ مذاكرة، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ عَن إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب: حَدثنَا عُثْمَان بن الْهَيْثَم بِهِ، وعَوْف هُوَ الْأَعرَابِي.
والْحَدِيث مضى مطولا فِي كتاب الْوكَالَة فِي: بَاب إِذا وكل رجل رجلا فَترك الْوَكِيل شَيْئا، وَذكر هُنَا بِهَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه، فَقَالَ: وَقَالَ عُثْمَان بن الْهَيْثَم إِلَى آخِره، وَذكرنَا هُنَاكَ جَمِيع مَا يحْتَاج إِلَيْهِ.
قَوْله: (زَكَاة رَمَضَان) هُوَ الْفطْرَة. قَوْله: (فَقص الحَدِيث) هُوَ قَوْله: فَقَالَ إِنِّي مُحْتَاج وَعلي عِيَال ولي حَاجَة شَدِيدَة، قَالَ: فخليت عَنهُ فَأَصْبَحت، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا هُرَيْرَة؟ مَا فعل أسيرك البارحة؟ قَالَ: قلت: شكى حَاجَة شَدِيدَة يَا رَسُول الله وعيالاً فرحمته فحليت سَبيله، قَالَ: أما أَنه قد كذب وَسَيَعُودُ، فَعَاد إِلَى ثَلَاث مَرَّات وَقَالَ فِي الثَّالِثَة: (إِذا أويت) من الثلاثي بِدُونِ الْمَدّ قَوْله: (لن يزَال) ، ويروى: لم يزل. قَوْله: (حَافِظًا) بِالنّصب وَالرَّفْع. أما النصب فعلى أَنه خبر: لن يزَال، وَأما الرّفْع فعلى أَنه اسْمه. قَوْله: (صدقك) أَي: فِي نفع قِرَاءَة آيَة الْكُرْسِيّ، لَكِن شَأْنه وعادته الْكَذِب والكذوب قد يصدق. قَوْله: (ذَاك شَيْطَان) ، وَوَقع فِي كتاب الْوكَالَة: (ذَاك الشَّيْطَان) ، بِالْألف وَاللَّام إِمَّا للْجِنْس وَإِمَّا للْعهد الذهْنِي لِأَن لكل آدَمِيّ شَيْطَانا وكل بِهِ، وَيجوز أَن يكون عوضا عَن الْمُضَاف إِلَيْهِ أَي: ذَاك شَيْطَانك.

11 - (بابُ فَضْلِ سورَةِ الكَهْفِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل سُورَة الْكَهْف، وَكَذَا فِي رِوَايَة أبي الْوَقْت: فضل سُورَة الْكَهْف، وَلم يثبت لفظ: بَاب إلاَّ لأبي ذَر.

1105 - حدَّثنا عَمْرُو بنُ خالِدٍ حَدثنَا زُهَيْرٌ حَدثنَا أبُو إسْحاقَ عنِ البَرَاءُ، قَالَ: كانَ رجُلٌ يَقْرَأُ سورَة الكَهْفِ وَإِلَى جانِبِهِ حِصانٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْن، فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ، فَجَعَلَتْ تَدْنُو وتَدنُو، وجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفرُ. فلَمَّا أصْبَحَ أَتَى النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لهُ فَقَالَ: تلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ بالقُرْآن.
(انْظُر الحَدِيث 4163 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَزُهَيْر هُوَ ابْن مُعَاوِيَة، وَأَبُو إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي.
والْحَدِيث قد مضى فِي تَفْسِير سُورَة الْفَتْح، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبيد الله بن مُوسَى عَن إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق إِلَى آخِره، وَلم يذكر فِيهِ سُورَة الْكَهْف، وَإِنَّمَا قَالَ: يقْرَأ وَفرس لَهُ مربوط فِي الدَّار.
قَوْله: (كَانَ رجل) قيل: هُوَ أسيد بن حضير. قَوْله: (حصان) بِكَسْر الْحَاء، هُوَ الْفَحْل الْكَرِيم من الْخَيل قَوْله: (بشطنين) تَثْنِيَة شطن بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة والطاء الْمُهْملَة، وَهُوَ الْحَبل، وَإِنَّمَا كَانَ الرَّبْط بشطنين لأجل جموحه واستصعابه. قَوْله: (فتغشته) أَي: أحاطت بِهِ سَحَابَة. قَوْله: (تَدْنُو) أَي: تقرب. قَوْله: (ينفر) بالنُّون وَالْفَاء من النفرة، وَفِي رِوَايَة مُسلم: ينفر بِالْقَافِ وَالزَّاي، وَقَالَ عِيَاض: هُوَ خطأ فَإِن كَانَ مَا قَالَه من حَيْثُ الرِّوَايَة فَلهُ وَجه، وَإِن كَانَ من حَيْثُ اللُّغَة فَلَيْسَ بِذَاكَ. قَوْله: (تِلْكَ السكينَة) وَاخْتلف أهل التَّأْوِيل فِي تَفْسِير السكينَة، فَعَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: هِيَ ريح هفافة لَهَا وَجه كوجه الْإِنْسَان، وَعنهُ: إِنَّهَا ريح خجوج وَلها رأسان، وَعَن مُجَاهِد: لَهَا رَأس كرأس الهر وجناحان وذنب كذنب الهر، وَعَن الرّبيع: هِيَ دَابَّة مثل الهر لعينيها شُعَاع فَإِذا التقى الْجَمْعَانِ أخرجت فَنَظَرت إِلَيْهِم فينهزم ذَلِك الْجَيْش من الرعب وَعَن ابْن عَبَّاس وَالسُّديّ: هِيَ طست من ذهب من الْجنَّة يغسل فِيهَا قُلُوب الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصرة وَالسَّلَام، وَعَن ابْن مَالك: طست من ذهب ألْقى فِيهَا مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، الألواح والتوراة والعصا. وَعَن وهب: روح من الله يتَكَلَّم، إِذا اخْتلفُوا فِي شَيْء بيَّن لَهُم مَا يُرِيدُونَ. وَعَن الضَّحَّاك: الرَّحْمَة، وَعَن عَطاء مَا يعْرفُونَ من الْآيَات فيسكنون إِلَيْهَا، وَهُوَ اخْتِيَار الطَّبَرِيّ، وَقَالَ النَّوَوِيّ: الْمُخْتَار أَنَّهَا من الْمَخْلُوقَات فِيهِ طمأنينة وَرَحْمَة وَمَعَهُ الْمَلَائِكَة، وَقد تكَرر فِي الْقُرْآن والْحَدِيث لفظ السكينَة، فَيحل فيكل مَوضِع وَردت فِيهِ على مَا يَلِيق بِهِ من الْمعَانِي الْمَذْكُورَة، وَالَّذِي يَلِيق فِي الْمَذْكُور فِي الْبَاب قَول الضَّحَّاك، وَالله أعلم.
قَوْله: (تنزلت) فِي رِوَايَة الْكشميهني: تنزل، بِضَم اللَّام على صِيغَة الْمُضَارع، وَأَصله: تتنزل بتاءين فحذفت إِحْدَاهمَا.

21 - (بابُ فَضْلِ سورَةِ الفَتْحِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل سُورَة الْفَتْح، وَلَيْسَ لفظ: بَاب إلاَّ لأبي ذَر.

الصفحة 31