وفي رواية: فقرأ: {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} (¬1) وللحاكم وقال: صحيح الإسناد - عن أبي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ عليه: {لَمْ يَكُنِ} وقرأ فيها: (إن الدين عند الله الحنيفية لا اليهودية ولا النصرانية ولا المجوسية من يعمل خيرا فلن يكفره) (¬2). ولأحمد من حديث علي بن زيد، عن عمار بن أبي عمار، عن أبي حبة لما نزلت: {لَمْ يَكُنِ} قال جبريل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن ربك يأمرك أن تقرئها أُبيًّا". فقال له: "إن الله أمرني أن أقرئك هذِه السورة"، فبكى، وقال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكرت ثمة؟ قال: "نعم" (¬3). ورواه عبد بن حميد أيضًا من حديث مجاهد به (¬4).
فوائد:
الأول: قال أبو عبيد بن سلام: إنه - صلى الله عليه وسلم - إنما أراد بذلك العرض على أبي؛ ليعلم أبي منه القراءة، ويستثبت فيها, وليكون عرض القرآن سنة وليس هذا على أن يستذكر منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا بذلك العرض (¬5).
وقد قال ابن التين: قراءته عليه ليثبت أبي ويؤدي إلى غيره؛ ليس أنه - صلى الله عليه وسلم - تثبت منه، وقال: من ظن ذلك فهو جاهل أو كافر، وقال عمر - رضي الله عنه -: على أقضانا، وأبي أقرؤنا وإنا ندع من قراءته لقوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} [البقرة: 106] إن كان لا يدع ما سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا لم يسمع من النسخ.
¬__________
(¬1) رواه الحاكم 3/ 304.
(¬2) "المستدرك" 2/ 531.
(¬3) أحمد 3/ 489.
(¬4) انظر: "الدر المنثور" 6/ 642.
(¬5) "فضائل القرآن" لأبي عبيد ص359.