كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 20)

و (القصب) هنا اللؤلؤ المجوف الواسع كالقصر المنيف، وقد جاء في رواية عبد الله بن وهب قال أبو هريرة: قلت: يا رسول الله ك - صلى الله عليه وسلم -، وما بيت من قصب؟ قال: "من لؤلؤة مجوفة". رواه السمرقندي مجوفة، والخطابي مجوبة (¬1)، أي: قطع داخلها الثقب، فتفرغ وخلا من قولهم: جبت الشيء إذا قطعته، وروى أبو القاسم بن مطير من حديث صفوان بن عمرو، عن مهاجر بن ميمون، عن فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: يا رسول الله، أين أمي خديجة؟ قال: "في بيت من قصب لا لغو فيه ولا نصب، بين مريم وآسية امرأة فرعون". [قالت: يا رسول الله، أمن هذا القصب؟ قال: "لا بل من القصب المنظوم بالدر واللؤلؤ والياقوت"] (¬2) ثم قال: لا يروى عن فاطمة إلا بهذا الإسناد تفرد به صفوان (¬3).
وفي رواية: بشرها بقصر من درة مجوفة.
فإن قلت: كيف بشرها ببيت وأدنى أهل الجنة منزلة من يعطى مسيرة ألف عام في الجنة كما في حديث ابن عمر عند الترمذي (¬4)، وكيف لم ينعت البيت بشيء من أوصاف النعيم أكثر من نفي الصخب، وهو رفع الصوت.
قلت: قال أبو بكر الإسكاف في "فوائده": بشرت ببيت زائد على ما أعد الله لها مما هو ثواب لأعمالها, ولذلك قال: "لَا صَخَبَ فِيهِ
¬__________
(¬1) "غريب الحديث" 1/ 496.
(¬2) ما بين المعقوفتين عبارته مضطربة في الأصل، نصها: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمن هذا القصر المنظوم بالدر واللؤلؤ والياقوت. اهـ.
(¬3) "المعجم "الأوسط" 1/ 139 - 140 (440).
(¬4) الترمذي (2553).

الصفحة 430