كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 20)

والكفر صنفان، بالله وهو الأصل، وبالفرع كالكفر بالقدر وشبه ذلك، ولا يخرج بهذا عن الإسلام (¬1).
قال القتبي: كما يقال للمنافق آمن، ولا يقال مؤمن (¬2).
و [قال الهروي] (¬3): سمعت الأزهري، وسئل عمن يقول بخلق القرآن أنسميه كافرًا؟ فقال: الذي يقوله كفر، وأعيد عليه السؤال ثلاثًا كل ذلك يقول مثل ما قال، ثم قال آخرها: قد يقول المسلم كفرًا (¬4).
قلت: فمن اعتقد إباحة ذلك واستحلاله فهو كافر، فإن لم يعتقده فيقاربه كما مر عن الداودي، أو كفر نعمة الله وإحسانه وحق الله، ومنه "ويكفرن العشير" (¬5) وغالبًا إنما يفعل هذا الجاهل لخبثة نسب أبيه، فيرى الانتساب إليه عارًا في حقه، ولاشك أنه محرم.
ومعنى "يتبوأ مقعده من النار": ينزل منزله (¬6) منها، أو فليتخذ منزلة منها وهو دعاء أو خبر بلفظ الأمر، ومعناه هذا جزاؤه إن جوزي كما سلف، وقد يوفق للتوبة فيسقط ذلك عنه بالآخرة. فأما في الدنيا فإن
¬__________
(¬1) هذا القول مختصر من كلام خطيب أهل السنة ابن قتيبة القتبي في "تأويل مختلف الحديث" ص187 - 188. وذلك يظهر في أن الحديث باللفظ الذي نقله المصنف لم نعثر عليه إلا عنده، والله أعلم.
(¬2) "تأويل مختلف الحديث" ص188.
(¬3) ساقطة من الأصل، والمثبت من مصادر التخريج.
(¬4) "النهاية في غريب الحديث" 4/ 186، "لسان العرب" 7/ 3898 مادة (كفر).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 12/ 507 - 508: واشتهر عند خواص الأمة وعوامها أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وإطلاق القول أن من قال: إنه مخلوق فقد كفر.
(¬5) يأتي برقم (5197) كتاب: النكاح، باب: كفران العشير.
(¬6) يجوز فيها أن تكون: منزلهُ بهاء في آخرها، أي مكانه المعد له.
ويجوز أن تكون: منزلة بالتاء المربوطة، أي مكانة ودَرَكًا فيها. والله أعلم.

الصفحة 56