كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 20)

وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيِّتِهِ. وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيتِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنهُمْ. وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بيتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ. وَهِيَ مَسؤُولَةٌ عَنْهُمْ. وَالعَبدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهُ. أَلا فَكُلُّكُمْ رَاع. وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيِّتِهِ"
ــ
يده من المال والقيام بما يجب عليه من الخدمة اهـ من الفتح (وهو) أي الأمير (مسؤول عن رعيته والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم والمرأة راعية على بيت بعلها) أي: زوجها (وولده وهي مسؤولة عنهم والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه) وقوله ثانيًا (ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) توكيد لفظي لما ذكر أولًا والفاء عليه للإفصاح واقعة في جواب شرط مقدر تقديره إذا كان الأمر كذلك وعرفتم أن الرِّعاية على كل أحد فأقول لكم كلكم راع ومسؤول عن رعيته فالتزموا الرِّعاية بما رعيتم به أفاده الذهني.
قال القرطبي قوله (كلكم راع ومسؤول عن رعيته) قد تقدم أن الراعي هو الحافظ للشيء المراعي لمصالحه وكل من ذكر في هذا الحديث قد كلف ضبط ما أسند إليه من رعيته وأتُمن عليه فيجب عليه أن يجتهد في ذلك وينصح ولا يفرط في شيء من ذلك فإن وفي ما عليه من الرِّعاية حصل له الحظ الأوفر والأجر الأكبر وإن كان غير ذلك طالبه كل واحد من رعيته بحقه فكثر مطالبوه وناقشه محاسبوه ولذلك قال صَلَّى الله عليه وسلم: (ما من أمير عشرة فما فوقهم إلَّا ويؤتى به يوم القيامة مغلولًا فإما أن يفكه العدل أو يوبقه الجور) رواه أحمد [٢/ ٤٣]، وقد تقدم قوله صَلَّى الله عليه وسلم (من استرعي رعية فلم يجتهد لهم ولم ينصح لم يدخل معهم الجنَّة) وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٢/ ٥ و ٥٤ - ٥٥]، والبخاري [٢٥٥٤]، وأبو داود [٢٩٢٨]، والترمذي [١٧٠٥].
قال الطيبي: إن الراعي ليس مطلوبًا بذاته وإنما أقيم لحفظ ما استرعاه المالك فينبغي أن لا يتصرف إلَّا بما أذن الشارع فيه وهو تمثيل ليس في الباب ألطف ولا أجمع ولا أبلغ منه فإنَّه أجمل أولًا ثم فصل وأتى بحرف التنبيه مكررًا والفاء في قوله ألا فكلكم واقعة في جواب شرط محذوف وختم بما يشبه الفذلكة إشارة إلى استيفاء التفصيل اهـ وقال غيره دخل في هذا العموم المنفرد الذي لا زوج له ولا خادم ولا ولد فإنَّه يصدق عليه أنه راع على جوارحه حتَّى يعمل المأمورات ويجتنب المنهيات فعلًا ونطقًا واعتقادًا

الصفحة 22