كتاب تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج

(حَلِيمًا إِذا مَا نَالَ عاقب مُجملا ... أَشد الْعقَاب أَو عفالم يثرب)
وَوصف الله تَعَالَى بالحلم المخلوقين فَقَالَ تَعَالَى {فبشرناه بِغُلَام حَلِيم}
34 - الْعَظِيم الْمُعظم فِي صفة الله تَعَالَى يُفِيد عظم الشَّأْن وَالسُّلْطَان وَلَيْسَ المُرَاد بِهِ وَصفه بِعظم الْأَجْزَاء لِأَن ذَلِك من صِفَات المخلوقين تَعَالَى الله عَن ذَلِك علوا
35 - الغفور هُوَ فعول من قَوْلهم غفرت الشَّيْء إِذا سترته وَقد مر ذكره قبل
وفعول مَوْضُوع للْمُبَالَغَة وَكَذَلِكَ فعال وَإِنَّمَا جَازَ تكرارهما وَإِن كَانَا بِمَعْنى وَاحِد وَأَنت لَا تكَاد تَقول فِي الْكَلَام فلَان تروك للفواحش تراك لَهَا وصدوف عَن القبائح صداف عَنْهَا لمعنيين
أَحدهمَا أَن اخْتِلَاف الْمَوْضِعَيْنِ يحسن من ذَاك مَالا يحسن مَعَ الْمُجَاورَة أَلا تراهم أَجمعُوا على أَن الإيطاء مَعَ بعد الْموضع لَيْسَ هُوَ مثله مَعَ قرب الْموضع
وَالْوَجْه الآخر أَن هَذَا يحسن فِي صِفَات الله تَعَالَى ذكره وَإِن كَانَ لَا يحسن فِي أسامي المخلوقين وصفاتهم لأَنهم لم يبلغُوا قطّ فِي صفة من الصِّفَات وَالله تَعَالَى المتناهي فِي هَذِه الصِّفَات الَّتِي تمدح بهَا فَيحسن فِيهِ سُبْحَانَهُ من ذَلِك مَا لَا يحسن فِي غَيره

الصفحة 46