كتاب الحيدة والاعتذار في الرد على من قال بخلق القرآن

بقدرته أفليس تقول إنه لم يزل قادرا"؟ قال: "بلى. قلت له: فتقول إنه لم يزل يفعل"؟ قال: "لا أقول هذا. قلت له: فلابد من أن يلزمك أن تقول إنه خلق بالفعل الذي كان عن القدرة وليس الفعل هو القدرة لأن القدرة صفة الله ولا يقال لصفة هي الله ولا هي غير الله".
قال بشر: "ويلزمك أيضا أن تقول إن الله أيزل يفعل ويخلق وإذا قلت ذلك فقد أثبت أن المخلوق أيزل مع الله سبحانه وتعالى".
قال عبد العزيز فقلت له: "ليس لك أن تحكم علي وتلزمني مالا يلزمني وتحكي عني ما لم أقل إذ لم أقل إنه لم يزل فاعلا يفعل فيلزمني مثل ما قلت وإنما قلت إنه أيزل الفاعل سيفعل ولم يزل الخالق سيخلق لأن الفعل صفة لله عز وجل يقدر علي ولا يمنعه منه مانع".
قال بشر: "أنا أقول إنه أحدث الأشياء بقدرته فقل أنت ما شئت".
قال عبد العزيز: "فقلت يا أمير المؤمنين قد أقر بشر أن الله كان ولا شيء معه وأنه أحدث الأشياء بعد أن لم تكن الأشياء بقدرته، وقلت أنا إنه أحدثها بأمره وقوله عز وجل عن قدرته فلم يخل يا أمير المؤمنين أن يكون أول خلق خلقه الله بقول قاله أو بإرادة أرادها أو بقدرة قدرها فأي ذلك فقد ثبت إن هاهنا إرادة ومريد وقول وقائل ومقال وقدرة وقادر ومقدور عليه وذلك كله متقدم قبل الخلق وما كان قبل الخلق فليس هو من الخلق في شيء وكسرت والله يا أمير المؤمنين قول بشر ودحضت حجته بإقراره بلسانه فقد كسرت قوله بالقرآن والسنة واللغة العربية، والنظر والمعقول، ولم يبق إلا القياس، وأنا أكسره بالقياس إن شاء الله تعالى".
قال عبد العزيز: "وكان المأمون قد جلس منا مقعد الحاكم من الخصمين". فقال: "هاته يا عبد العزيز وأوجز"، فقلت: "يا أمير المؤمنين، لو كان لبشر غلامان، وأنا لا أجد عليهما في أحد من الناس إلا من بشر، يقال لأحدنا خالد، وللآخر يزيد، وكان بشر غائبا عني فكتب إلي ثمانية عشر كتابا يقول في كل كتاب منها، ادفع إلى خالد غلامي هذا الكتاب. وكتب إلي أربعة وخمسين كتابا "يقول في كل

الصفحة 84