كتاب الحيدة والاعتذار في الرد على من قال بخلق القرآن

كتاب "1 ادفع إلى يزيد، ولم يقل: يزيد غلامي، هذا الكتاب، ثم كتب إلي كتابا جمعهما فيه فقال: ادفع إلى خالد غلامي هذا الكتاب، وإلى يزيد ولم يقل، يزيد غلامي. ثم قدم بشر من سفره، فقال: أليس تعلم أن يزيد هذا غلامي؟ فقلت له: قد كتبت إلي أربعة وخمسين كتابا "تقول في كل كتاب منها"2 ادفع هذا الكتاب إلى يزيد ولم تقل غلامي، ولم أسمعك تقول إنه أحد غلاميك، وأنا لا أجد علمه عن أحد غيرك. وكتبت إلي ثمانية عشر كتابا- تقول في كل واحد منها- ادفع إلى خالد غلامي هذا الكتاب فعلمت إنه غلامك، ثم كتبت إلي كتابا جمعتهما فيه فقلت: ادفع إلى خالد غلامي هذا الكتاب، وإلى يزيد ولم تقل غلامي، فمن أين أعلم أن يزيدا غلامك وأنت لم تقل لي قبل هذا الوقت إنه كلامك وليس أعلم خبر هما من غيرك".
فقال: "بشر فرطت، فحلفت أنا إن بشرا فرط، وحلف بشر إني أنا فرطت حيث لم أعلم إن يزيدا غلامه من كتبه، فأينا المفرط يا أمير المؤمنين". فقال: "بشر المفرط، فقال بشر وأي شيء هذا مما نحن فيه".
قال عبد العزيز: "إن الله أخبر في كتابه عن خلق الإنسان في ثمانية عشر موضعا، ما ذكره في موضع منها إلا أخبر عن خلقه. وذكر القرآن في أربعة وخمسين موضعا من كتابه فلم يخبر عن خلقه في موضع منها ولا أشار إليه بشيء من صفات الخلق، ثم جمع بين القرآن والإنسان في موضع واحد وأخبر عن خلق الإنسان، ونفى الخلق عن القرآن. فقال عز وجل: {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الأِنْسَانَ} 3 ففرق بين القرآن وبين الإنسان، فزعم بشر يا أمير المؤمنين إن الله عزوجل فرط في الكتاب، وكان يجب عليه أن يخبر عن خلق القرآن، وقال الله عز وجل {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْء} 4 فهذا كسر قول بشر لا القياس والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".
__________
1 من طبعة المجمع ص 132
2 مصدر السابق
3 سورة الرحمن آية 1-3.
4 سورة الأنعام آية 38.

الصفحة 85