كتاب شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية

لَا بِمَشِيئَتِهِ وَلَا بِقُدْرَتِهِ، إِذْ لَوْ تَعَلَّقَتْ بِذَلِكَ لَكَانَ مَحَلًا لِلْحَوَادِثِ!! فَنَفَى هَؤُلَاءِ الصِّفَاتِ [الْفِعْلِيَّةَ] (¬1) الذَّاتِيَّةَ بِهَذَا الْأَصْلِ، كَمَا نَفَى أُولَئِكَ الصِّفَاتِ مُطْلَقًا بِقَوْلِهِمْ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْأَعْرَاضِ. وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ هِيَ أَفْعَالٌ، وَلَا تُسَمَّى حَوَادِثَ، كَمَا سُمِّيَتْ تِلْكَ صِفَاتٍ، وَلَمْ تُسَمَّ أَعْرَاضًا. وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَلَكِنَّ الشَّيْخَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَمْ يَجْمَعِ الْكَلَامَ فِي الصِّفَاتِ فِي الْمُخْتَصَرِ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ فِي الْقَدَرِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَعْتَنِ فِيهِ بِتَرْتِيبٍ.
وَأَحْسَنُ مَا يُرَتَّبُ عَلَيْهِ كِتَابُ أُصُولِ الدِّينِ تَرْتِيبُ جَوَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، حِينَ سَأَلَهُ عَنِ الْإِيمَانِ، فَقَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ»، الْحَدِيثَ - فَيَبْدَأُ بِالْكَلَامِ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالصِّفَاتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، ثُمَّ بِالْكَلَامِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ، ثُمَّ وَثُمَّ، إِلَى آخِرِهِ.
وَقَوْلُهُ: (وَنُحِبُّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا نُفَرِّطُ فِي حُبِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلَا نَتَبَرَّأُ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ. وَنُبْغِضُ مَنْ يُبْغِضُهُمْ، وَبِغَيْرِ الْخَيْرِ يَذْكُرُهُمْ. وَلَا نَذْكُرُهُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ. وَحُبُّهُمْ دِينٌ وَإِيمَانٌ وَإِحْسَانٌ، وَبُغْضُهُمْ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ وَطُغْيَانٌ).
ش: يُشِيرُ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَى الرَّدِّ عَلَى الروافض والنواصب. وقد أثنى الله عَلَى الصَّحَابَةِ هُوَ وَرَسُولُهُ، وَرَضِيَ عَنْهُمْ، وَوَعَدَهُمُ الْحُسْنَى كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (¬2).
وَقَالَ تَعَالَى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ
¬__________
(¬1) في الأصل: (العقلية). ولعل الصواب ما أثبتناه من سائر النسخ. ن
(¬2) التوبة 100

الصفحة 475