كتاب درء اللوم والضيم في صوم يوم الغيم

وقول الخطيب: ((يوم الثلاثين من شعبان هو يوم الشك)). ليس بصحيح، لأن الناس اتفقوا على كراهة صوم يوم الشك، وقد ذهب جماعةٌ من الفقهاء إلى جواز صوم هذا اليوم عن نذرٍ، وكفارةً وتطوعاً.
ونحن لا نسمي يوم الغيم شكاً، ومن سماه شكاً فللتعريف، وبيان هذا:
أن الشك تردد بين أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر، وهاهنا مزيةٌ، وهو: أنه قد خرج الأصل في الشهور، والأصل: تسعةٌ وعشرون، فبقي اليوم الأخير خارجاً عن الأصل، وهذا وإن سمي يوم شك فإنه يجوز صومه عندكم قضاءً ونذراً ونفلاً يوافق عادةً.
ولنا: يوم شك يجب صومه على الكل، وهو إذا غم هلال شوالٍٍ، ولنا: يوم شك يجب صومه على شخصٍ دون شخصٍ، وهو إذا أخبر رجلٌ برؤيته فرد الحاكم شهادته، فإنه يجب عليه صومه.
قال الخطيب: ((إذا كانت السماء مصحيةً، وتراءى الناس الهلال فلم يروه لا يسميه يوم شك إلا من عميت بصيرته!)).
قلنا: من قال ما قلت فقد عميت بصيرته! لأن الناس إذا تراؤوا الهلال في الصحو فلم يروه لم يسم أحد ذلك اليوم شكاً، إنما إذا تشاغلوا عن التراءي سمي شكاً.
قال الخطيب: ((وقد روي في هذه المسألة حديثٌ فيه كفايةٌ عن ما سواه)). أنبأنا محمد بن عبد الملك بن خيرون، قال: أنبأنا أحمد بن

الصفحة 116