كتاب درء اللوم والضيم في صوم يوم الغيم

وما كان يخفى على الخطيب أن هذا الحديث كذبٌ موضوعٌ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولو خفي هذا عليه كان يزري بعلمه ويسلم دينه، فأما إذا كان يعلم أنه كذبٌ فقد ذهب الدين بالعصبية، ولم ينفع العلم.
وهذا الحديث لا أصل له عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا ذكره أحدٌ من الأئمة الذين جمعوا السنن، وترخصوا في ذكر الأحاديث الضعاف، وإنما هو مذكورٌ في نسخة يعلى بن الأشدق عن ابن جراد، وهي نسخةٌ موضوعةٌ.
قال أبو زرعة الرازي: يعلى بن الأشدق ليس بشيءٍ. وقال البخاري: يعلى لا يكتب حديثه. وقال أبو أحمد بن عدي الحافظ: روى يعلى بن الأشدق عن عمه عبد الله بن جراد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحاديث كثيرةً منكرةً، وهو وعمه غير معروفين.
قال ابن عدي: وبلغني عن أبي مسهرٍ، قال: قلت ليعلى بن الأشدق: ما سمع عمك من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: ((جامع سفيان))، و ((موطأ مالك))، وشيئاً من الفوائد!!.
وقال أبو حاتم بن حبان الحافظ: ((لقي يعلى عبد الله بن جراد، فلما كبر اجتمع عليه من لا دين له، فوضعوا له شبيهاً بمائتي حديثٍ نسخةً عن ابن جراد، فجعل يحدث بها وهو لا يدري، وقد قال له بعض مشايخ أصحابنا: أي شيءٍ سمعت من عبد الله بن جراد؟ قال: هذه النسخة

الصفحة 118