كتاب درء اللوم والضيم في صوم يوم الغيم

وأما المعنى، فلهم فيه ثلاثة مسالك:
الأول:
قالوا: الواجب عليه صوم رمضان، وهذا اليوم ليس من رمضان فلا يجب صومه. ولا نزاع في المقدمة الأولى.
فأما الدليل على أنه ليس من رمضان فالحكم والمعنى:
أما الحكم:
فإنه ليس من رمضان في الدين المؤجل، والعدد، والطلاق المعلق به، والأيمان، فلا يكون من رمضان في الصوم.
وأما المعنى:
فهو أن رمضان يثبت إما بالقطع، وهي: الرؤية من الجميع، أو كمال عدد شعبان، أو بغلبة الظن فيشهد العدل الواحد عند قومٍ، والعدد عند آخرين، ولم يوجد في مسألتنا شيءٌ من ذلك، لأن الغيم لا يدل على وجود الهلال، ولا على عدمه. ولم يكن الشهر ثابتاً فلا يثبت بمجرد الشك، وصار كما لو شك في وقت الصلاة، وهل طلع الفجر؟ فإنه لا يحرم عليه الأكل. وخرج على هذا اليوم الأخير، لأن الأصل وجوب الصوم، وها هنا الأصل الفطر.
المسلك الثاني:
قالوا: الشك بالغيم ليس بأكثر من الشك الحاصل بشهادة من رد الحاكم شهادته. ثم هناك لا يجب فيه الصوم، فكذلك في الغيم، لأنه في الموضعين يحتمل أن يكون الهلال طالعاً.

الصفحة 120