كتاب يثرب قبل الإسلام

105 ...
ولعل أهل يثرب لم يعتنقوا اليهودية رغم وجودها بينهم، لأسباب أهمها على ما يظهر من دراسة العلاقات بينهم وبين اليهود ما يأتي:
1 - ما كان بين اليهود والعرب من خصومات أدت في كثير من الأحيان إلى الدخول في معارك دامية، هزم فيها العرب في بداية الأمر، ثم هزم فيها اليهود هزيمة مكنت للعرب من السيطرة، وأخضعت لهم اليهود فعاشوا في كنفهم وحالفوهم.
2 - ما كان يتصف به اليهود من الصلف والغطرسة، فقد كانوا يحتقرون العرب، ويزعمون أنهم شعب الله المختار فلا يليق بهم أن يختلطوا بهؤلاء الأميين، وقد أدى ذلك إلىنفور العرب منهم، وبغضهم لكل ما يأتي من جهتهم ولو كان ديناً.
3 - اعتقاد العرب أن اليهود قوم دخلاء على البلاد، ويتبع ذلك أن يكون دينهم ليس دين السكان الأصليين فهم لا يجدون في أنفسهم ميلاً لإعتناق دين لم يجدوا عليه آباءهم وأسلافهم.
وهذا السبب الأخير هو المانع على ما يظهر من اعتناق أهل يثرب للنصرانية، واستمرارهم على دين آبائهم الأولين.
كانت الوثنية هي الديانة السائدة في يثرب، وكان اليثربيون يعظمون (مناة) تعظيماً انفردوا به على سائر آلهة العرب حتى أنهم كانوا لا يحلون من حجهم إلا إذا أتوه فوقفوا عنده، وحلقوا رؤوسهم، ونحروا هديهم.
يقول بن هشام: وكانت مناة للأوس والخزرج، ومن دان بدينهم من أهل يثرب على ساحل البحر من ناحية المشلل بقديد (1).
وابن الكلبي يصف (مناة) بأنه كان أقدم الأصنام كلها. وكانت العرب تسمى عبد مناة وزيد مناة.
ثم يقول: وكان منصوباً على ساحل البحر من ناحية المشلل بقديد، ...
__________
(1) ابن هشام: م1، ص 85.

الصفحة 105