كتاب يثرب قبل الإسلام
106 ...
بين المدينة ومكة، وكانت العرب جميعاً تعظمه، وتذبح حوله وكانت الأوس والخزرج، ومن ينزل المدينة ومكة وما قارب من المواضع يعظمونه ويذبحون له ويهدون له ولم يكن أحد أشد إعظاماً له من الأوس والخزرج (1).
وكان الأوس والخزرج ومن يدين بطريقتهم من عرب يثرب وما حولها يعتقدون أن حجهم لا يتم إلا إذا أتوا (مناة) وحلقوا رؤوسهم عنده، فكان ذلك أقوى الأدلة على تعظيمهم له، واعتقادهم فيه.
يقول أبو المنذر: وحدثنا رجل من قريش عن أبي عبيدة بن عبد الله ابن أبي عبيدة بن عمار بن ياسر (وكان أعلم الناس بالأوس والخزرج) قال: كانت الأوس والخزرج ومن الناس المواقف كلها، ولا يحلقون رؤوسهم، فإذا نفروا أتوه، فحلقوا رؤوسهم عنده وأقاموا عنده، لا يرون لحجهم تماماً إلا بذلك، فالإعظام الأوس والخزرج يقول عبد العزى بن وديعة المزني:
إني حلفت يمين صدق برة ... بمناة عند محل آل الخزرج (2)
هكذا كانت الوثنية هي الديانة المسيطرة على يثرب كما كانت مسيطرة علىالجزيرة العربيةكلها، وكما قلنا لم تستطع اليهودية أو النصرانية أن تنتزع منها هذا السلطان، بل ظلت حتى مجيء الإسلام ديانة القوم التي لا يعدلون بها اي دين مهما كان، حتى دخلوا في الإسلام.
2 - النصرانية
النصرانية هي الديانة التي جاء بها عيسى بن مريم - عليه السلام - وهي امتداد لليهودية التي جاء بها موسى - عليه السلام - يدل على ذلك ما ورد في إنجيل متى: إن يسوع خرج إلى نواحي صور وصيدا، وإذا امرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت قائلة: إرحمني يا سيد يا ابن داود، ...
__________
(1) الأصنام: ص 13.
(2) الأصنام: ص 14.
الصفحة 106
224