كتاب يثرب قبل الإسلام
108 ...
مستخفياً، فأحبه الرجل حباً شديداً وتعلق به، دون أن يفطن فيميون له.
خرج فيميون يوم الأحد للعبادة، وتبعه الرجل، وهو لا يدري، وجلس ينظر إلى صلاته وعبادته، وبينما هو يصلي خرج عليه تنين ضخم، فدعا عليه فمات على الفور، ولكن صالحاً، صاحب فيميون الذي خرج في أثره خاف على فيميون من التنين فصاح يا فيميون التنين قد اقبل نحوك، وفيميون لم يلتفت لندائه وأقبل على صلاته حتى فرغ منها.
عرف فيميون أنه قد عرف وكشف أمره فعزم على الخروج من القرية، وعرف صالح بالتالي أن فيميون قد عرف منه ما كان يخفيه، فقال صالح لفيميون: يا فيميون والله لقد أحببتك، وأردت صحبتك، فقال فيميون: أمري كما رأيت فإن استطعت أن تقوى عليه فنعم، فلزمه صالح.
وكان من صفات فيميون أنه كانإذا صادف إنساناً به ضر دعا له فشقى، وإذا دعى إلى إنسان به ضر لم يذهب إليه، وكان لرجل من أهل قرية بالشام ابن ضرير فسأل عن فيميون وعرف حاله، فاحتاك ليدخله على ولده، وأوهمه أن عنده في البيت عملاً، وطلب منه أن يذهب معه ليراه، ويشارطه على عمله، فذهب معه فيميون، ولم يكد يدخل حجرة الضرير حتى أسرع الرجل وكشف عن ابنه الغطاء وطلب من فيميون أن يدعو له ففعل، فقام الصبي لا يشكو بأساً.
وعرف فيميون أنه قد عرف، فخرج من القرية وتبعه صالح. وفي طريقهما مرا بشجرة عظيمة، فسمعا منها صوتاً ينادي فيميون، وأوقفه، وطلب منه الا يبرح حتى يقوم على أمره فإنه سيموت في تلك الساعة، وظل فيميون قائماً على الرجل حتى واراه، وانصرف، وتبعه صالح حتى وطئا بعض بلاد العرب، فاختطفتهما سيارة وخرجت بهما حتى باعتهما في نجران.
وكان أهل نجران على دين العرب يعبدون نخلة طويلة، وقد جعلوا لها عيداً، فإذا كان يوم العيد القوا على النخلة كل ثوب حسن وعلقوا عليها حليَ النساء، ثم يخرجون إليها فيعكفون عندها طول اليوم.
...
الصفحة 108
224