كتاب يثرب قبل الإسلام
117 ...
شئتم رغداً، وادخلوا الباب سجدا، وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين، فبدل الذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم، فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون) (1).
وقال - سبحانه -: (لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر، بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى، ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) (2).
ومن المعلوم أن هذه الآيات كما ذكر المفسرون نزلت في اليهود، وتصف واقعهم والأخلاق التي كانوا عليها ونحن لا نسطيع أن نقول إن هذه الأخلاق ورثوها عن الديانة اليهودية، لأن اليهودية التي جاء بها رسول الله موسى - عليه السلام - برئية من هذه الصفات.
فموسى - عليه السلام - هو الذي وجههم لحرب الجبارين: (يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم، ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين) (3).
والله - عز وجل - قد نعى عليهم نقضهم الميثاق، ولعنهم وجعل قلوبهم قاسية: (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم، وجعلنا قلوبهم قاسية) (4) كما عاب عليهم - سبحانه وتعالى - كفرهم وخلطهم الحق بالباطل (يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون؟ يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل، وتكتمون الحق وأنتم تعلمون) (5).
فهذه الأخلاق التي اتصف بها اليهود إنما هي صفات اكتسبوها من البيئة التي نشأوا فيها والظروف التي عاشوا فيها، والمعاناة التي مروا بها في ...
__________
(1) البقرة: 58 - 59.
(2) الحشر: 14.
(3) المائدة: 21.
(4) المائدة: 13.
05) آل عمران: 70 - 71.
الصفحة 117
224