كتاب يثرب قبل الإسلام
119 ...
يبق من أهل أريحا سوى أهل بيت الزانية - على حد تعبير التوراة - التي خبأت جاسوس يوشع، وقد اتسمت تلك الغارة بوحشية لا نظير لها.
يقول ول ديورانت: كانت هزيمة العبرانيين للكنعانيين مثلاً واضحاً لنقضاض جموع جياع، على جماعة مستقرين آمنين، وقد قتل العبرانيون من الكنعانيين أكثر من استطاعوا قتلهم منهم، وسبوا من بقي من نسائهم، وجرت دماء القتلى أنهاراً.
ثم يقول: ولما استولوا على إحدى المدن قتلوا من أهلها إثني عشر الفاً، وأحرقوها، وصلبوا حاكمها، ولسنا نعرف في تاريخ الحروب مثل هذا الإسراف في القتل والاستمتاع به (1).
هذه هي أخلاق اليهود في قديم الزمان، وهي أخلاقهم إلى الآن، ففي يوم 9 إبريل سنة 1948م هجم اليهود على قرية دير ياسين العربية الواقعة في قسمهم، وكان أهلها مطمئنين إلى وعود اليهود وعهودهم، كما كانوا عزلاً من السلاح.
جمع اليهود سكان القرية، وأوقفوم صفاً واحداً، الرجال والنساء والشيوخ والأطفال، ثم فتحوا عليهم نيران مدافعهم، وأمعنوا في تعذيبهم أثناء عملية القتل والذبح، حتى كانوا يبقرون بطون الحوامل ويخرجون منها الأجنة ويذبحونها، كما مثلوا بالضحايا أبشع تمثيل حتى أصبح من الصعب جداً التعرف على شخصيات الضحايا، ثم جمعوا الجثث بعد أن جردوها من ملابسها والقوا بها في بئر القرية.
ولما حضر مندوب الصليب الأحمر الدكتور ليز، ورأى الجريمة لم يستطع الوقوف حتى تتم عملية إحصاء جيثث الضحايا وكان عددها مائتين وخمسين ضحية، عندئذٍ أغمي على مندوب الصليب الأحمر وغادر المكان (2).
...
__________
(1) قصة الحضارة (2/ 326 - 327).
(2) خطر اليهودية العالمية، ص 57.
الصفحة 119
224