كتاب يثرب قبل الإسلام

121 ...
عبادة الأوثان، وعبدوا الله وحده، ولم يكن هذا الإتجاه في العرب إلا نتيجة لوجود اليهودية والنصرانية بينهم.
يقول الدكتور حسن إبراهيم: (وكان بين العرب أناس مستنيرون، فطنوا إلى سوء حالتهم الدينية، وحاولوا الإرتقاء من الوثنية إلى اعتقادات أرقى منها، وذلك لاختلاطهم باليهود والنصارى) (1).
وكان من صميم الديانة اليهودية الإيمان بالبعث والثواب والعقاب والجنة والنار، وقد دعت التوراة إلى الإيمان بتلك المعتقدات، وكان اليهود يؤمنون بها ويدعون إليهاوآمن بها كثير من العرب (وقد نشر هؤلاء اليهود في البلاد التي نزلوها في جزيرة العرب تعاليم التوراة، من بعث وثواب وعقاب، وكان لذلك أثره في الوثنية الحجازية، حتى أصبح أهل يثرب أسرع العرب إلى قبول الإسلام) (2).
وكان من آثار اليهودية في العرب احتفالهم بيوم عاشوراء، فقد ورد أن العرب كانوا يصومون ذلك اليوم في الجاهلية وهو يوم مشهور من أيام اليهود، عنابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، فوجدوا اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسئلوا عن ذلك، فقالوا: هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون فنحن نصومه تعظيماً له، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نحن أولى بموسى منكم، فأمر بصومه") (3).
فيوم عاشوراء يوم من أيام اليهود التي يعظمونها ويحتفلون بها، ومع ذلك كان أهل الجاهلية يعظمونه ويصومونه ولا يوجد تفسير لذلك إلا بتأثير اليهودية في العرب، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومه في الجاهلية، ...
__________
(1) تاريخ الإسلام (1/ 73).
(2) نفسه، ص 73.
(3) مسلم شرح النووي (8/ 9).

الصفحة 121