125 ...
العلاقات بين يثرب وجيرانها
لم يكن في يثرب حكومة تسيطر على الأوضاع فيها وتنظم العلاقات بين سكانها، وبينهم وبين جيرانهم والدول الأخرى المحيطة بيثرب، بل كانت هناك صلات وروابط اتخذت أساساً لتنظيم العلاقات بين سكان يثرب وجيرانهم وبينهم وبين الدول الخارجية.
وقد اختلفت أسس تلك الصلات وهذه الروابط بحسب الظروف التي كانت تدعو إليها، فأساس الصلات بين أهل يثرب وجيرانهم من أهل البادية هو الحذر والاستعداد، ذلك لأن أهل البادية كانوا دائماً يتطلعون إلى ما في الحضر من الخيرات وينظرون إليها على أنها حلال لهم، فكانوا يغيرون دائماً على المدن، ويروعون أهلها وينهبون ثرواتها.
ولم يكن جيران يثرب من البدو بأورع من غيرهم في ذلك، فكانوا يغيرون على المزارع، ويسوقون الماشية، ولعل هذه الحصون المنتشرة في يثرب، والآطام المحيطة بها إنما اتخذت لصد أمثال هذه الغارات التي كانت توقعة من حين لآخر وهي في نفس الوقت دليل واضح على صحة أساس العلاقات بين أهل يثرب وجيرانهم من البادية.
وليس هناك حادث معين نستطيع أن نتخذه دليلاً على ذلك، ولكننا نفهم من بعض المواقف في صدر الإسلام أنه كانت هناك غارات على المدينة وأن أهل المدينة كانوا يدافعون عنها دفاع القوي القادر، وإننا لنلمح ذلك جلياً في كلام عبد الله ابن أبي بن سلول يوم أحد حين استشار الرسول ...