كتاب يثرب قبل الإسلام

139 ...
1 - وقوفهم على الحياد:
لقد كان في استطاعة اليهود تكوين قوة ثالثة في يثرب ويضغطون بها على كلا الطرفين المتخاصمين حتى يذعنا للصلح، ويرضيا بإنهاء الحرب، ولكن ذلك لا يحقق لهم ما يريدون، إن في إنهاء الحرب قوة للعرب لا يحبها اليهود، وفي عقد الصلح بينهم إنهاء للخلاف وذلك أمر يكفر عيش اليهود، لذلك وقفوا متفرجين، لم يعرضوا الصلح، ولم يتدخلوا لإنهاء الحرب.
ولما أراد الأوس الدخول في حلف مع بني قريظة، رفضت قريظة أن تدخل معهم في الحلف سواء كان ذلك تحت ضغط الخزرج أو كان رغبة في نفوسهم، فإن ذلك هو الأمر الذي كانوا يميلون إليه حتى تظل الحرب مشتعلة، ويعيشون هم في رحابها آمنين.
تقول الروايات: إن الأوس عندما أرادوا محالفة اليهود، ارسلت الخزرج إلى قريظة قائلة: لئن فعلتم فأذنوا بحرب. فأرسل اليهود إلى الخزرج، إنا لا نحالفهم، ولا ندخل بينكم، فقالت الخزرج لليهود: فأعطونا رهائن، وإلا فلا نأمنكم فأعطوهم أربعين غلاماً من بينهم، ففرقهم الخزرج في دورهم (1).
إن هذه الرواية تدل على أن قول الخزرج لليهود صادف هوى في نفوسهم، فكانت إجابتهم، لا نحالفهم ولا ندخل بينكم أي سندعكم تتقاتلون حتى يفني بعضكم بعضا، لقد كانت قريظة قوة لا يستهان بها، وكانت تستطيع بهذه القوة التي تملكها أن تضع حداً لتلك الحرب، ولكنها لم تكن ترغب في ذلك، ولتأكيد موقفهم هذا سلموا الرهائن إلى الخزرج وهم آمنون.
ذكر ابن سعد أن مخلفات يهود - بني قريظة - التي غنمها المسلمون منهم كانت بعد حصرها كالآتي:
1 - (1500) الف وخمسمائة سيف.
__________
(1) السمهودي، (1/ 215 - 216).

الصفحة 139