كتاب يثرب قبل الإسلام
14 ...
والذي يفهم من إنكار الولد للاوذ بن سام ونفي الحفدة لإرم بن سام هو إنكار العرب البائدة لأنهم كما ذكر المؤرخون من نسل لاوذ وإرم ابني سام.
والحقيقة أن النفس لا تميل الى نفي ذلك اعتماداً على أن التوراة لم تذكر للأول ولداً وللثاني أحفاداً، لأن التوراة الموجودة الآن بي اليهود محرفة ومبدلة، ولا يستبعد أن يكون اليهود قد تعمدوا حذف ذلك ليخفوا وراء نسب العرب ويضيعوه لما بينهما من العداوة والبغضاء، شأنهم في ذلك شأن التحريفات التي أحدثوها في التوراة.
هنا يطرح سؤال لا بد منه، وهو فمن أين للمؤرخين المسلمين رفع هذا النسب الى لاوذ وإرم بن نوح عليه السلام -؟ والجواب على ذلك أن الذين تعرضوا لهذا الموضوع، هم علماء من أهل الكتاب كوهب بن مبنه وكعب الأحبار وابن جريج والعرب قد نقلوه عنهم، ولعل هؤلاء قد نقلوا ذلك عن أسلافهم الذين اطلعوا على ذلك في التوراة والإنجيل قبل حذفه، أو لعلهم هم قد قرأوه في نسخ لم يحذف ذلك منها. إذ لا يعقل أن يجمع مؤرخو العرب والمسلمين على إثبات ذلك من غير أن يشذ منهم واحد ينفيه، وفيهم المحققون الذين شهد لهم بالإنصاف والعقل والتدقيق في الرواية.
وعلى هذا نستطيع أن نقول - ترجيحاً لا قطعاً - بأن أول من اختط المدينة قوم من عبيل، وأن الذي اختطها منهم رجل يسمى (يثرب بن باثلة ابن مهلهل بن عبيل) فسميت الأرض التي اختطها باسمه.
موقعها:
تعتبر مدينة يثرب من حيث موقعها مركزاً لدائرة يتراوح نصف قطرها بين 425 - 540 كم وليس هذا التراوح كبيراً بالنسبة لمساحة الجزيرة التي تبلغ ثلاثة ملايين كيلو متر مربع ولا بالنسبة للمسافات الشاسعة التي تقع عليها المدن ....
__________
(1) وفاء الوفاء (1/ 156) المفصل (1/ 343) عمدة الأخبار ص 33 سمط النجوم (1/ 128)
(2) مجلة الخفجي العدد الثامن المجلد السادس.
الصفحة 14
224