كتاب يثرب قبل الإسلام

147 ...
أولاً: الزراعة
تعتبر الحالة الاقتصادية لأي بلد من البلاد مقياساً هاماً لمقدار ما يكون عليه ذلك البلد من الرقي والحضارة، فكلما كان الوضع الاقتصادي حسناً كلما كان التقدم والتحضر بالقدر الذي يكون عليه ذلك الوضع، وكلما توفرت أسباب ذلك التقدم الاقتصادي، توفر للشعب عوامل الرقي الحضاري، وإن من أهم أسباب ذلك التقدم وجود الزراعة ونشاط التجارة وتقدم الصناعة، وكل هذه العوامل كانت متوفرة في يثرب قبل الإسلام.
وكان للزراعة في يثرب المنزلة الأولى في تحسين الوضع الاقتصادي للسكان، وإنما اكتسبت الزراعة، تلك المنزلة للظروف الطبيعية التي أحاطت بالمنطقة، فأرض يثرب أرض بركانية، تحتوي على كثير من المعادن والمواد التي تفيد الزراعة، وتجعل المحصول جيداً.
والزراعة في يثرب كانت المصدر الأول لإعاشة السكان، ولهذا رأينا اليهود لما نزلوا المدينة تسابقوا إلى الأماكن التي تكثر فيها المياه، وحطوا رحالهم عند مجاري السيول، ولما وصل العرب إلى يثرب تخيروا تلك الأماكن وأمثالها، ولما كانت الأرض خصبة جيدة، والماء كثيراً ومتوفراً، تكون قد اجتمعت أسباب نجاح الزراعة كمصدر للدخل يرفع مستوياتهم المادية.
وسائل الري
ويثرب بلد تكتنفه السيول الآتية من الجنوب، حتى إذا وصلت واحة قباء، تفرعت فرعين:
أحدهما يمر بحرة واقم - الحرة الشرقية - ويتفرع فيها ...

الصفحة 147