كتاب يثرب قبل الإسلام

150 ...
الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى يخر الناس منها زكاتهم، لأنه لم يكن قوتاً لأهل يثرب معلوماً عندهم (1) ولهذا روى ابن حجر عن ابن المنذر قوله: ولم يكن البر بالمدينة ذلك الوقت إلا الشيء اليسير منه (2).
والذي يظهر أن التمر لم يكن بالكثرة التي يتصورها كثير من الباحثين، حتى زعموا أن يثرب كانت تبيع الفائض من التمر، ولو كان ذلك كيثراً لما جهد الأنصار لما شاركهم المهاجرون في أقواتهم، وقد كانت غلات يثرب أكثر مما كانت عليه قبل، والذي يؤيد ذلك قول السيدة عائشة - رضي الله عنها- لما فتحت خيبر سنة سبع من الهجرة، قالت: (الآن نشبع من التمر) وقل ابن عمر - رضي الله عنهما: (ما شبعنا حتى فتحت خيبر) (3).
وأما الفواكه فكان أكثرها وأوفرها العنب، وكانوا يتركونه حتى يصير زبيباً، ويأكلون منه غضاً، وكان يعتبر من غالب قوت البلد المتداول بين الناس، وكانت أنواع الفواكه الأخرى إلى جانبه قليلة ونادرة مثل الرمان والموز والليمون والبطيخ والقاوون (4).
وهناك أنواع من الخضروات كانت معروفة عند أهل يثرب، وكانوا يزرعونها ويأكلون منها الدباء - القرع - والقثاء والبصل والثوم والكراث (5) واللوبياء والسلق (6).
كيف تفلح الأرض
وكان أهل يثرب يتفاضلون في امتلاك الأراضي الزراعية، فكان منهم من لا يملك شيئاً ويعمل عند غيره، ومنهم من يملك الشيء الذي يستطيع ...
__________
(1) البخاري بشرح ابن حجر (3/ 372).
(2) فتح الباري (3/ 437).
(3) البخاري بشرح ابن حجر (7/ 495).
(4) مكة والمدينة، ص 358.
(5) مسلم بشرح النووي (7/ 48، 49 - 13/ 224، 226).
(6) البخاري بشرح ابن حجر (9/ 544).

الصفحة 150