كتاب يثرب قبل الإسلام

16 ...
الحليفة (آبار علي) ميقات أهل المدينة الآن، وفي نهاية هذه الحرة من جهة الشمال يقع بئر رومة، وهي البئر التي كانت مملوكة لأحد اليهود. وكان يبيع ماءها على المسلمين، حتى حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على شرائها، فاشتراها عثمان ابن عفان - رضي الله عنه- وجعلها سبيلا (صدقة) للمسلمين، ودفع لليهودي ثمنها عشرين ألف درهم (1).
وتمتد هذه الحرة من الجنوب قبالة قباء وتنتهي الى الشمال عند بئر رومة المذكور. وأما الحرة الشرقية فتعرف بحرة واقم، وهو حصن لبني عبد الأشهل من الأوس سميت الحرة به (2) وكان يقيم في هذه الحرة أهم القبائل اليهودية، كبني النضير، وبني قريظة، وبعض العشائر اليهودية.
كذلك كانت تسكنها أهم بطون الأوس - بنو عبد الأشهل، وبنو حارثة وبنو معاوية، وغيرهم - وقد ترك سكان هذه الحرة من اليهود والعرب آثاراً تدل على ما كانوا عليه من التقدم الحضاري والنظام، حيث وجد بها آثار وأطلال لمصانع وصهاريج للمياه (3).
وتمتد الحرة الشرقية من الجنوب جهة عوالي المدينة والعريض إلى الشمال حيث تنتهي عند جبل أحد. وهاتان الحرتان حصنان طبيعيان ليثرب من الجهتين المذكورتين، ومن جهة الجنوب تقع واحة قباء على بعد ميلين من يثرب تقريباً، وينحدر من قباء واديان هما وادي بطحان ووادي رانوناء، ويتجهان إلى الشمال حيث يتصلان بوادي قناة الواقع في جنوب أحد، وهذه الأودية كلها تلتقي عند مجمع الأودية بقرب رومة. وفي الجنوب الشرقي يقع وادي مذينينب ووادي مهزور اللذان استوطنهما اليهود واقاموا عليهما في عوال المدينة التي كانت تعتبر أخصب بقاع بها. وأودية يثرب كلها تنحدر من الجنوب الى الشمال وتسير فيها مياه الأمطار بغزارة فتحولها الى جنات نضرة، ...
__________
(1) في منزل الوحي لهيكل، ص 613
(2) مكة والمدينة، ص 288
(3) في منزل الوحي، ص 610

الصفحة 16