161 ...
تلك هي الصورة التي كان عليها عامة السكان في الجزيرة، ولم يكن أأهل يثرب بمعزل عن ذلك، ولكن كانت لهم إبل ومواش وأنعام كانوا يهتمون بها، ويرعونها ما تنبته الأرض من عشب، وكلأ وشجيرات، وبالقرب من يثرب توجد منطقة رعوية خصبة تعرف بالغابة، وأخرى تعرف بزغابة، وكلاهما بالشمال الغربي ليثرب، وكان أهل يثرب يحتطبون منهما، ويرعون أنعامهم ومواشيهم كلأها وأشجارها، كما يوجد في جنوب يثرب مراعٍ خصبة تقع بين يثرب والربذة كانوا ينتجعونها فيجدون فيها ما يسمن مواشيهم، ويغذي إبلهم، ويقول السمهودي: إن سعة حماة كان يريدا في يريد، وأن سرة حمى الربذة كانت الحرة، إلى أن يقول: وكان يرعى فيه أهل المدينة (1).
وإننا لنلاحظ أن القرآن الكريم قد امتن على سكان الجزيرة العربية بما حباهم الله من خيرات الأرض المختلفة، فالزراعة بأنواعها النخيل والزيتون والرمان والأعناب وجميع الثمرات (وهو الذي أنشأ جنات معروشات، وغير معروشات والنخل والزرع مختلفاً أكله، والزيتون والرمان متشابهاً وغير متشابه) (2) (وهو الذي أنزل من السماء ماء، فأخرجنا به نبات كل شيء، فأخرجنا منه خضراً نخرج منه حباً متراكباً، ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب، والزيتون والرمان، مشتبهاً وغير متشابه) (3).
وإلى جانب هذه النعم الخاصة بالإنسان، تذكر آيات أخرى الأشجار التي ترعاها الأنعام أولاً، ثم تقضي بذكر تلك النعم، قال تعالى:
(وهو الذي أنزل من السماء ماء، لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون، ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب، ومن كل الثمرات) (4).
وفي تقديم الأشجار التي ترعاها الأنعام مطابقة لذكر ما يهتمون به، يوحبون أن يطمئنوا عليه، لأن العرب يقدرن الأنعام قدرها، ويحبون ...
__________
(1) وفاء الوفا (3/ 1091 - 1092).
(2)، (3) الأنعام: 141و 99.
(4) النحل: 10،11 وتسيمون بمعنى (ترعون دوابكم) عن كلمات القرآن للشيخ مخلوف.