165 ...
تلك هي أسواق يثرب في الجاهلية، والمتتبع لأماكنها يرى أنها كانت موزعة توزيعاً دقيقاً على جهاتها المختلفة، فمنها واحد في الجنوب، ومنها واحد ثانٍ في الشمال، والباقيان كانا في وسط يثرب أحدهما إلى جهة الشرق والآخر إلى جهة الغرب.
ويبدوا أن حاجة السكان الملحة هي التي وزعت الأسواق هذا لتوزيع، لأنه لم يكن هناك حكومة قائمة، ولا هيئة منظمة تقوم على أمر الناس وترعى مصالحهم، كما يبدوا من ذلك التوزيع أن يثرب كانت في ذلك الرمان تمتد من قباء جنوباً إلى المكان المعروف بزغابة شمالاً، كذلك كانت تمتد من الحرة الشرقية عند مهزور ومذينيب، اللذين كان ينزل عليهم بنو قريظة والنضير، إلى الحرة الغربية المعروفة بحرة الوبرة والتي تحد المدينة من الغرب (1).
السلع والبضائع:
ولقد كان يعرض في هذه الأسواق سلع وبضائع محلية ومستوردة، فأما المحلية فكان أهل يثرب يعرضون غلاتهم الزراعية، ومنتوجاتهم الحيوانية، وصناعاتهم اليدوية، فكانوا يبيعون التمر والرطب والشعير والقثاء والسلق والبصل والكراث والثوم والعنب والبطيخ (2).
كذلك كان يباع الخمر والحطب الذي كانوا يحتطبونه من الغابة ومن البوادي أو من أشجار يثرب نفسها كما كانوا يبيعون اللبن والأقط والإبل والغنم، والمكاثل والآلات الزراعية على اختلاف أنواعها والحلى الذي اشتهر في صناعته يهود بني قينقاع وكذلك السلاح (3).
وأما البضائع والسلع المستوردة فكانت تجلب عن طريقين:
الأول: ما يجلبه بدو الجزيرة سواء كانوا قريبين من يثرب أم بعيدين ...
__________
(1) مكة والمدينة، ص 288.
(2) راجع كتاب البيوع في البخاري ومسلم.
(3) مكة والمدينة، ص 366.