كتاب يثرب قبل الإسلام

166 ...
عنها، وما تجلبه القوافل الذاهبة إلى الشام من غلات الجزيرة ومنتوجاتها.
والثاني: ما تجلبه القوافل العائدة من بلاد الشام وهي في طريقها إلى الحجاز، وهذه كانت تعتبر سلعاً أجنبية عنهم، ويكون بعضها أحياناً لا يقدر على شرائه إلا أهل اليسار والنعمة منهم.
وكثيراً ما كان هؤلاء البدو يفدون إلى يثرب للإمتياز منها، وليصرفوا الزائد عن حاجتهم من إبل وغنم وخيل، وصوف ووبر وشعير ولبن وسمن وأقط (1).
وأما القوافل العائدة من الشام فكانت تبيع فيها ما تجلبه معها من غلات الشام ومنتجاته كالنبيذ والزيت والحنطة والمنسوجات القطنية والحريرية، والنمارق الملونة المرسومة (2).
وكان هناك تجار يشترون من هذه القوافل أنواع العطارة والمسك والروائح العطرية وكانت هناك سوق للفاكهة (3)، ولكل طائفة من هذه الطوائف مكان معلوم من السوق (4).
وكانوا يتعاملون بأنواع من البيوع فيها غرر وغش، ومستغلين في ذلك جهل البدو وعدم معرفتهم بالأسعار، فكانوا يتلقونهم قبل وصولهم إلى السوق، ويشترون منهم بضاعتهم بأسعار أقل من السعر المعروض في الأسواق، وكثيراً ما كان يمنع التجار ذلك ليحتكروها ويبيعوها بالسعر الذي يناسبهم غير مراعين مصلحة المستهلك.
كما كانوا يستعملون المناجشة في البيع، وتلك وسيلة خداع لا يرضاها الضمير الإنساني لأن المناجشة هي دخول شخص في البيع لا يقصد الشراء، ولكن ليزيد في قيمة السلعة حتى يوهم الناس بأنها جيدة وصفقة رابحة وهي ليست كذلك.
...
__________
(1) مكة والمدينة، ص 365 - 366.
(2) نفسه، البخاري (4/ 325).
(3) السمهودي (2/ 336).
(4) مكة والمدينة، ص 366.

الصفحة 166