كتاب يثرب قبل الإسلام

172 ...
ويحدثنا الدياري عن أبي رافع سلام بن ابي الحقيق النضري، وهو شخصية يهودية معروفة، بأنه كان يرسل تجارة كبيرة إلى الشام بواسطة القوافل، وأنه كان يستورد من الشام الأقمشة المختلفة (1) وأبو رافع هذا كان من سكان يثرب الذين أجلاهم رسول الله- صلعم - مع بني النضير - وكان من زعمائهم- (2).
وهذا مما يثبت ما رجحناه من أن بعض أهل يثرب كانوا يشاركون في إرسال تجارتهم إلى الشام واستيراد ما يصلح للعرب منها من نبيذ وزيت وحنطة وأقمشة إلى غير ذلك.
والحقيقة أن أهل يثرب لم يشتركوا بتوسع في هذه الرحلات، كما كان يفعل أهل مكة لسببين.
أحدهما: إن بلادهم كانت غنية بغلاتها الزراعية، ومنتوجاتها الحيوانية، فكان في ذلك غناء لهم عن الضرب في الأرض لجلب الرزق.
الثاني: إن المشكلات الداخلية من حروب وخصومات طغت على حياتهم، وشغلتهم عن أي شيء سواها.
وكانت هناك أسواق عربية يحضرها أهل يثرب، ويبيعون فيها وشترون، وهذه الأسواق هي: عكاظ ومجنة وذو المجاز، وهي أسواق كانت تقام في اشهر الحج بين مكة والطائف، فكانت عكاظ تقام صبح هلال ذي القعدة إلى أن يمضي عشرون يوماً، ثم يقاس سوق مجنة عشرة أيام إلى هلال ذي الحجة، ثم يقوم سوق ذي المجاز ثمانية أيام (3).
الصادرات والواردات:
لما كان أهل يثرب يمارسون أنواعاً من التجارة على النحو السابق، ...
__________
(1) تاريخ الخميس (2/ 12).
(2) مختصر سيرة الرسول، ص 262.
(3) فتح الباري (3/ 594).

الصفحة 172