كتاب يثرب قبل الإسلام

173 ...
فإنهم لا بد كانوا يصدرون ما يزيد عن حاجتهم من الصناعات، فكانوا يصدرون الحلي التي اشتهر بصناعتها يهود بني قينقاع، كما يصدرون ما يزيد عن حاجتهم من التمر وكانت صادرات يثرب مقصورة تقريباً على ذلك، ولكنها كانت تستورد الكثير من البضائع التي هي في حاجة إليها.
فكانوا يستوردون الأقمشة الحريرية والقطنية والنمارق ووسائل الترف، والزيت والزبيب والنبيذ من الشام أو من اليمن كذلك كانوا يستوردون العطور والمسك من البحرين (1).
ولما كانت بعض الصناعات تقوم في يثرب مثل صناعة الأسلحة والحلي والآلات الزراعية وكانت يثرب لا تملك المواد الخام اللازمة لتلك الصناعات، فإنها كانت تستورد الذهب الخام والحديد لتصنيعه، وتصريفه في الأسواق المحلية أوالخارجية إذ لا يعقل أن تكون هذه الصناعات قائمة في يثرب، وهي خالية من موادها الخام، وتستمر هذه الصناعات من غير أن يستورد أصحابها ما يلزم لها منالمواد، مثم إن صناعة الحلي تستلزم بعض الأحجار الكريمة كاللؤلؤ والياقوت والزمرد، فكانوا يستوردونها أيضاً لإدخالها في صناعاتهم (2).
وكان ليثرب ميناء هام يعرف باسم (الجار)، وهو على بعد يوم وليلة من المدينة، وكانت ترسو فيها السفن القادمة من بلاد الحبشة والصين وعدن والهند، ولا بد أن هذه السفن كانت تحمل صادرات هذه البلاد، ولا بد أيضاً من أن يثرب كانت تستفيد من هذا الميناء لقربه منها ولأهمية ما كانت تحمل هذه السفن من خيرات البلاد التي قدمت منها (3).
المكاييل والموازين:
لما كانت الزراعة هي الغلة الرئيسية لأهل يثرب كان احتياجهم إلى ...
__________
(1) مكة والمدينة، ص 372.
(2) مكة والمدينة، ص 372.
(3) نفسه: 373.

الصفحة 173