177 ...
فيها، ولما وجدت فيها الأيدي العاملة الماهرة أوجدت فيها صناعات أخرى اقتضتها ضرورات الحياة المتحضرة التي كان يعيشها أهل يثرب، كما فرضت عليهم الحروب والعداوة صناعة أخرى كانوا لا بد أن يوفروها محافظة على حياتهم، وإظهاراً لقوتهم حتى يرهبهم عدوهم.
وعلى هذا فقد كانت الصناعات في يثرب على النحو الآتي:
1 - صناعة زراعية.
2 - صناعة عسكرية.
3 - صناعة الحلى والزينة.
4 - صناعات عامة تستلزمها ضرورات الحياة (1).
1 - الصناعة الزراعية:
والصناعة الزراعية نوعان: نوع تعتمد عليه الزراعة، ونوع يعتمد على الزراعة. فأما النوع الأول فهو ما لا يستغني عنه الزارع في عمله، كالمحراث والمنجل والفاس وغير ذلك، وأما النوع الثاني فهو ما يقوم بصناعته مصانع - وقد يكون غير الزارع - من حاصلات الزراعة كالمكاثل والخصف والتجارة بأنواعها.
وعلى كل حال فالنوعان كانا موجودين في يثرب، واستعملها أهلها، والمصنوعات من النوع الأول تحتاج إلى تعاون محرفتين في إنتاجها فكان لا بد من وجود الحرفتين، ووجود من يحترفهما، والحرفة الأولى هي الحدادة، ويقوم محترفوها بصناعة الجزء الحديدي منها كسكة المحراث (2)، ورأس الفاس، وصلاح المنجل، والحرفة الثانية هي النجارة، ويقوم محترفوها بصناعة الجزء الخشبي من هذه الآلات، كزراع المحراث، وعصا الفاس، ويد المنجل.
وكانوا يصنعون من النوع الثاني الخمر: وهي تصنع من العنب واليسر ...
__________
(1) راجع الصناعات في التراتيب الإدارية (2/ 63) وما بعدها.
(2) سكة المحراث (حديدته التي يحرث بها).