178 ...
والتمر والعسل والحنطة والشعير والزبيب (1) وكانوا يشربونها ويبيعونها، وكانوا يخزنون منها كميات كبيرة ويعتنقونها، ولم يكن محترفوا هذه الصناعة من العرب وحدهم، بل كانوا من العرب واليهود على حد سواء. كذلك كانوا يصنعون المكاثل والخصف من الخوص، ويستعملونها في أعمالهم الزراعية، وأشغالهم المنزلية (2).
ومن الأشجار اتخذات النجارة بأنواعها المختلفة من أبواب ونوافذ، وكراس وأثاث، وقد ساعد على انتشار تلك الصناعة وجود غاية كثيفة في شمال غربي يثرب، وكانت تكثر فيها أشجار الأثل الصالحة لهذه الصناعة (3).
وكثير من أهل يثرب الأثرياء كانت بيوتهم مؤثثة تأثيثاً جميلاً، وكان استعمال الكراسي معروفاً عندهم حيث كانوا يصنعونها من الخشب ويصنعون أرجلها من الحديد (4).
2 - الصناعة العسكرية:
إن وجود اليهود في يثرب، وشعورهم بأنهم دخلاء على أهل البلاد، إذ ليسوا من سكان الجزيرة أصلاً، وخوفهم من وقوع هجوم عليهم، سواء كان ذلك من جيرانهم الأوس والخزرج أو من البدو القاطنين إلى جوار يثرب، كما أن شعور الأوس والخزرج يضعفهم، وأنهم أقل عدداً وأضعف عدة من اليهود، كل ذلك جعل هؤلاء وأولئك، يتنافسون على الأسلحة التي هي وسيلة الدفاع عن النفس وإرهاب العدو.
وقد اشتهر اليهود من قديم الزمان بصناعة الأسلحة، من سيوف ونبال ودروع وسهام ونصال، فكانوا يصنعونها فيتخذون منها لأنفسهم ويبيعونها ...
__________
(1) البخاري شرح ابن حجر (10/ 35، 37، 45).
(2) مكة والمدينة، ص 376.
(3) البخاري، ص 319.
(4) مكة والمدينة، ص 376.