كتاب يثرب قبل الإسلام

19 ...
مشغولين بالحروب والغازات، وليخلو لليهود الجو فيستغلوا هذه الموارد وحدهم دون منازع ولا شريك.
ومن هذا نستطيع أننقول إن مركز يثرب التجاري والزراعي كان هاماً جداً، ومما يدل على أهميته توافد الأجناس المختلفة على سكناها، حتى أن بعضهم كانوا يتقاتلون على ذلك، ويطرد الغالب المغلوب ويحل محله، كما حدث ذلك بين عبيل والعماليق وكذلك بين الأوس والخزرج وبين اليهود على ما سنعرفه بعد.
كما كان ليثرب مركز سياسي، بحيث يتمكن المسيطر عليها من السيطرة على طريق القوافل المارة من الجنوب الى الشمال ولو عبرت عن طريق الساحل، لأن المسيطرة على المدينة يمنه السيطرة على طريق الساحل بسهولة.
وقد أدرك هذه الحقيقة الملك (نبو نيد) فإنه قد استولى على تيماء في حدود سنة (552 - 551) ق. م، وزحف منها على فدك، وخيبر، ويثرب.
يقول الدكتور جواد: (والظاهر أن الذي حمله على التوغل في الجنوب، رغبته في السيطرة على أخطر طريق برية للتجارة تربط بلاد الشام بالعربية الجنوبية، وهي طريق قديمة مسلوكة، تسلكها القوافل التجارية المحملة بأنفس التجارات المطلوبة في ذلك العهد، ثم السيطرة على البحر الأحمر، ...
ومن يدري؟ فلعل اختيار (تيماء) مقراً له، وتجوله في الأرضين الواقعة بينها وبين (يثرب) كان لهذاالسبب، أي لتنفيذ تلك الفكرة الخطيرة، فكرة السيطرة على جزيرة العرب (1).
ومن هذا العرض يتضح لنا أهمية مركز يثرب في الجزيرة العربية، سواء كان ذلك من الناحية الاقتصادية، أو من الناحية السياسية ....
__________
(1) المفصل (1/ 665).

الصفحة 19