كتاب يثرب قبل الإسلام

194 ...
حالات الولاء وضعاً خاصاً. فالولاء بالحوار مؤقت، والولاء بالحلف دائم، والولاء بالعتق يلي درجة الحلف وهكذا.
أ - الجوار:
والجوار كما يكون من الأفراد يكون من القبائل والبطون، والأسباب التي تلجئ الفرد أو القبيلة للدخول في الجوار تتلخص فيما يأتي:
1 - انخلاع الفرد من قبيلته بسبب تصرف سيء يعرض سمعة القبيلة للإهانة، فإنه حينئذٍ لا يستطيع العيش إلا في حمى قبيلة أخرى فيلجأ إليها مستجيراً بها.
2 - الغربة التي يشعر معها الإنسان بالضعف وعدم القدرة على مقاومة ما ينتابه من الأمور فيلجأ إلى مجاورة إحدى القبائل.
3 - الخروج في طلب الثأر. ثم يجد في نفسه ضعفاً عن بلوغ غايته فيضطر إلى مجاورة إحدى القبائل القوية لتحميه حى يأخذ ثأره (1) والسبب الأول خاص بالأفراد وأما الأخيران فيشتركان بين الأفراد والقبائل.
عقد الجوار:
ويتم عقد الجوار بأن يطلب المستجير من الجار الجوار صراحة، ويجيبه الجار إلى ذلك وقد يتم بصور أخرى منها:
أن يدخل المستجير خيمة جاره أو يلمسها أو يقعد إلى جوارها وكأن يأكل معه أو يشرب قهوته، وقد اشار الفرزدق إلى نوع آخر من المعاملة يوجب الجوار حيث يقول:
وما كان جار غير دلو تعلقت ... يحبلين في متسحصد القد مكرب (2)
فاعتبر تعلق الدلو بالدلو يوجب عقد الجوار، ونصب الخيمة إلى جوار الخيمة بحيث تلامس الطنب الطنب يوجب الجوار أيضاً.
وكان بعض زعماء القبائل يفتخرون بالجوار، ويسمى بعضهم مجير الذئب، ومجير الجراد، ...
__________
(1) الأغاني 13/ 2.
(2) الألوسي (2/ 133).

الصفحة 194