كتاب يثرب قبل الإسلام
197 ...
وإذا كان الحليفين فرد وفرد يصبح بذلك الحليف مولى لمن حالفه وله حقوق أفراد الأسرة والقبيلة بهذا الولاء وكثيراً ما كان يتبنى الرجل مولاه فينتسب إليه، وظل الأمر كذلك حتى حرمه القرآن الكريم:
(وما جعل أدعيائكم أبناءكم، ذلك قولكم بأفواهكم، والله يقول الحق، وهو يهدي السبيل، ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله، فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم) (1).
حقوق الحليف:
من حقوق الحليف الحماية ممن حالفه والتأثر له إذا اعتدى عليه أحد، والنصرة له على من ظلمه، والمشاركة في دفع ما يتحمله ممن الديات - وهو المعروف بالعقل - والولاء والنصيحة والمشورة والرفادة (2).
وكذلك كان من حق الحليف أن يرث حليفه إذا مات وهو على حلفه، ولما جاء الإسلام أقر ذلك، قال - تعالى -:
(ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون، والذين عقدت أيمانكم، فآتوهم نصيبهم، إن الله كان على كل شيء شهيداً) (3).
يقول الطبري في تفسير الآية: عن قتادة قال: كان الرجل يعاقد الرجل في الجاهلية، فيقول: (دمي دمك، وهدمي هدمك، وترثني وأرثك وتطلب بي وأطلب بك) فجعل له السدس من جميع المال في الإسلام، ثم يقسم أهل الميراث ميراثهم (4)، فنسخ ذلك بقوله تعالى:
(وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) (5) وحق الميراث الذي كان قائماً بينهم إنما هو للحلف الفردي، أما حلف القبائل أو الفرد مع القبيلة فكانت له جميع هذه الحقوق ما عدا الميراث.
...
__________
(1) الأحزاب: 4 - 5.
(2) مكة والمدينة: ص 44.
(3) النساء: 33.
(4) تفسير الطبري (9/ 275).
(5) الأنفال: 75.
الصفحة 197
224